السؤال
ما حقيقة الملك الذي أقره عمر لمعاوية: أهو عدم استشارة أهل الشام، والعمل برأيه دون الرجوع إليهم؟ ولماذا أقره عمر: هل ذلك لقرب عهدهم بالإسلام، وتأثرهم بالثقافة الرومانية، وقلة نضجهم، وألفهم للعبودية والذل؟
ما حقيقة الملك الذي أقره عمر لمعاوية: أهو عدم استشارة أهل الشام، والعمل برأيه دون الرجوع إليهم؟ ولماذا أقره عمر: هل ذلك لقرب عهدهم بالإسلام، وتأثرهم بالثقافة الرومانية، وقلة نضجهم، وألفهم للعبودية والذل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسأل عن كلام ابن تيمية الذي قال فيه: ويحتج -من يجوز الملك- بأن عمر أقر معاوية لما قدم الشام على ما رآه من أبهة الملك؛ لما ذكر له المصلحة فيه، فإن عمر قال: لا آمرك، ولا أنهاك. ويقال في هذا: إن عمر لم ينهه؛ لا أنه أذن له في ذلك؛ لأن معاوية ذكر وجه الحاجة إلى ذلك، ولم يثق عمر بالحاجة، فصار محل اجتهاد في الجملة. اهـ.
فهذه الحكاية قد رواها ابن أبي الدنيا في (حلم معاوية): عن شيخ، قال: لما قدم عمر الشام، تلقاه معاوية في موكب عظيم، فلما دنا منه، قال: أنت صاحب الموكب العظيم؟
قال: نعم -يا أمير المؤمنين-.
قال: مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟
قال: نعم.
قال: ولم تفعل ذلك؟
قال: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم، فإن نهيتني، انتهيت.
قال: يا معاوية! ما أسألك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقا، إنه لرأي أريب، وإن كان باطلا، فإنه لخدعة أديب.
قال: فمرني.
قال: لا آمرك، ولا أنهاك.
فقيل: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر عما أوردته.
قال: لحسن مصادره وموارده، جشمناه ما جشمناه. اهـ.
فالذي أقره عمر بن الخطاب لمعاوية هو ما كان عليه من أبهة الملك -من المواكب العظيمة، ونحوها-.
وأقره عمر للمصلحة التي ذكرها معاوية بقوله: نحن بأرض جواسيس العدو بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم. اهـ.
والله أعلم.