متابعة الجماعة على جمع الصلوات دون عذر

0 10

السؤال

أنا أصلي في مسجد جماعة –ولله الحمد-، وفي فصل الشتاء يتساهل الإمام كثيرا في جمع الظهر مع العصر، وكذلك المغرب مع العشاء دون عذر مقبول؛ كمطر، أو ريح، فيجمع لمجرد البرد اليسير؛ حتى إنه يجمع في الحر، ويكون الحر محتملا، لكنه في فصل الشتاء يجمع كثيرا، وفي داخل نفسي أكون غير مقتنع بالجمع، وحتى من له أدنى علم بالشريعة الغراء يعرف ذلك، وقد نصحته كثيرا، فيقول: إن الدين يسر، وأنا لا أريد أن أحدث فتنة أو مشاكل في المسجد بين الناس.
1- فهل يجوز لي عندما يجمع الإمام أن أنوي نية النافلة، ولا أنوي نية الفرض؟
2- وهل أجر الصلاة على وقتها، مع قلة عدد المصلين –لأن أغلب المصلين جمعوا الصلاتين- أعظم أجرا من الصلاة في جماعة عند جمعها؟ فبعض المصلين يتذرعون بحجة أن الصلاة مع الجماعة أعظم أجرا من الصلاة وحدك؛ لأنك لن تجد أحدا يصلي معك في حالة جمع الصلاة، والجمع غير متحقق، ولا يوجد عذر، ويقولون: الموت مع الجماعة رحمة، وما إلى ذلك من العبارات. أريد أن أفهم: هل أجر الصلاة على وقتها أفضل من جمع لا عذر له؛ حتى لو صليت في البيت، أو في المسجد، ولا يوجد أحد يصلي معي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فالجمع بين الصلاتين بغير عذر يبيح الجمع، من كبائر الذنوب، ولا تصح الصلاة الثانية المجموعة إلى الأولى تقديما، إن كان الجمع بغير عذر، وانظر الفتوى: 53951.

وقد عد الفقيه ابن حجر المكي في جملة الكبائر: تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، أو تقديمها عليه من غير عذر؛ كسفر، أو مرض، قال الفقيه ابن حجر: عد ما ذكر من أن كلا من ترك الصلاة وتقديمها على وقتها، وتأخيرها عنه بلا عذر كبيرة، وهو ما نقله الشيخان عن صاحب العدة، وأقراه، وتقييد الأنوار لذلك بلا إعادة، ليس في محله؛ لأنه وإن أعادها في الوقت هو بفعلها قبله متعمدا متلاعب بالدين. انتهى.

وإذا علمت هذا؛ فيحرم عليك تحريما مغلظا أن تجمع معهم، إذا علمت أنهم يجمعون بغير عذر.

وما ذكرته من البرد اليسير، أو الحر، ليس عذرا يبيح الجمع، ويجب عليك نهيهم عن هذا المنكر العظيم، وأن تبين لهم أن صلاتهم -والحال هذه- لا تصح، وأنه يجب عليهم إعادتها، وأن هذا من التلاعب بالدين -عياذا بالله-.

فإن لم ينتهوا، ويستجيبوا لك، فاترك أنت المسجد بعد فعلهم الصلاة الأولى، ولا تجمع معهم.

ولا يجوز لك أن تصلي معهم الصلاة الثانية بنية النافلة؛ لما في ذلك من إقرارهم على المنكر.

فإذا حضر وقت الصلاة الثانية، فصل في المسجد مع من يصلي في الوقت، أو في مسجد آخر.

فإن لم يتيسر شيء من ذلك، فصل في بيتك جماعة مع بعض أهلك.

فإن لم تجد من يصلي معك جماعة، فصل وحدك في الوقت، هذا هو الواجب عليك، وتبرأ ذمتك بذلك.

وأما متابعة الجماعة الكثيرة على الخطأ والباطل، فهو من سبل الشيطان وخطواته التي من اتبعها، فهو على شفا هلكة، وإنما تكون الجماعة رحمة، ويتعين الانضمام لها، وعدم الشذوذ عنها، إذا كانت جماعة على الحق لا على الباطل المجمع على بطلانه، ورحم الله الفضيل حيث قال: اسلك سبيل الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين.

فاجتهد في نصيحة ذلك الإمام، وأولئك المصلين معه، وأطلعهم على ما كتبناه هنا، وبين لهم أن شأن الصلاة عظيم، وأن التهاون بها من رقة الدين -عياذا بالله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة