السؤال
أصابنا في مدينتنا فايروس كورونا -أعاذنا الله وإياكم منه- وأنا أخرج إلى صلاة الجماعة بلبس الكمامة والقفازات الطبية؛ للوقاية من خطر المرض. وتعلمون كم هو خطر وسريع الانتشار، فنهاني أحد الإخوة المصلين عن هذا، وذكر لي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في كراهية التلثم. إلا أننا الآن في حالة استثنائية، والخروج إلى الصلاة بالكمامة ضروري، كما أنه أفضل من أن نجلس في البيت ونترك الصلاة في جماعة. فما فتواكم في هذا الأمر؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم -أخي السائل- في لبس الكمامات للوقاية من المرض المذكور، ولا تبطل الصلاة بذلك.
وقد سبق أن بينا في الفتويين: 52652، 64200 الأدلة، وأقوال الفقهاء حول التلثم في الصلاة، وأنه مكروه كراهة تنزيه، ولا تبطل الصلاة به.
وذكرنا أن من الفقهاء من استثنى حالات من الكراهة أيضا، كما في كلام الحطاب -المالكي- في مواهب الجليل شرح مختصر خليل، ونقلنا كلامه في آخر الفتوى الثانية المحال عليها.
ولا شك أن الحاجة للوقاية من المرض، أولى بالاستثناء مما ذكروه.
ومن تخلف عن الصلاة في المسجد خوفا من الإصابة بالمرض، فإنه لا حرج عليه أيضا، وقد ذكر الفقهاء أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة الخوف من حدوث المرض.
جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: ويعذر في ترك الجمعة والجماعة المريض بلا نزاع، ويعذر أيضا في تركهما لخوف حدوث المرض. اهــ.
ومن علم أنه مصاب بالوباء منع من دخول المسجد حتى لا يتأذى به الناس، وقد نص الفقهاء على منع المجذوم من المسجد على سبيل الوجوب خشية ضرره على الناس.
جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: وقد نقل القاضي عياض عن العلماء أن المجذوم والأبرص يمنعان من المسجد ومن صلاة الجمعة، ومن اختلاطهما بالناس. اهـ.
وهذا المنع بسبب الضرر الذي يلحق الناس بمخالطته.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: سبب المنع في نحو المجذوم، خشية ضرره، وحينئذ فيكون المنع واجبا فيه. اهــ.
والله أعلم.