السؤال
أولا: لدينا منزل كان ملكا لجدي- أبي والدي- مات جدي منذ مدة، وبقت جدتي في هذا المنزل. وكان لأبي أخت ليست شقيقة، بل من أب آخر غير جدي، فهي أخت أبي من الأم، وقد ربتها جدتي. ومع أن جدتي لم تكن تحب أبي؛ وعدت بأن تكتب المنزل باسم بنتها التي هي من أب آخر.
وماتت جدتي منذ شهر، وقالت حين ذلك بالعزاء: أمي كتبت لي المنزل باسمي، وليس لكم شيء، مع أن أبي هو الوريث الشرعي.
هل حقا يجوز هذا التنازل عن المنزل باسم البنت في الشرع والقانون؟ أم أن القانون سيعطيني حقي وحق أبي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما القانون فيسأل عنه أهل الاختصاص!
وأما الشرع فحكمه مبني على ملك هذا البيت، فإن كان هذا البيت ملكا لجد السائل وحده، ومات وهو لا يزال في ملكه، وانحصر ورثته في زوجته وابنه -الذي هو والد السائل- فليس للزوجة سوى الثمن، والباقي للابن. وبالتالي لا حق للزوجة في أن تتصرف إلا في هذا الثمن.
ثم إن الأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد في الهبة، كما سبق أن بيناه في الفتوى: 171705. فلا تختص ابنتها دون ابنها بنصيبها من تركة والده، إن كان هذا على سبيل الأثرة.
وأما إن كان ذلك لمعنى في البنت، كالحاجة والفقر ونحو ذلك، فلا حرج عليها في ذلك.
قال ابن قدامة في (المغني): إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل. أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. اهـ.
ثم إن الهبة لا تنفذ إلا إذا تمت في حال الحياة، وحازها الموهوب له بالفعل، وانظر الفتوى: 144783. وأما مجرد النية، أو العزم على فعل ذلك دون إتمامه، فلا أثر له في انتقال الملك.
وعلى أية حال، فإن مسائل النزاع والخصومات في المواريث ونحوها من الحقوق المشتركة، لا يصح الاعتماد فيها على مثل هذه الفتوى، بل تحتاج إلى رفعها للقاضي ونحوه ممن يسمع كل الأطراف، ويطلع على تفاصيل الأمور.
والله أعلم.