السؤال
إذا سجدت سجدة تلاوة ولم أقل: "سبحان ربي الأعلى"، واكتفيت بقول: "سجد وجهي للذي فطره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين".
إذا سجدت سجدة تلاوة ولم أقل: "سبحان ربي الأعلى"، واكتفيت بقول: "سجد وجهي للذي فطره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين".
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي هو أن تقولي في سجود التلاوة: "سبحان ربي الأعلى"، ولو مرة، ثم تزيدي ما شئت من الذكر المشروع، فقد أوجب الحنابلة هذا الذكر، وهو: "سبحان ربي الأعلى" في سجود التلاوة، ولم يوجبه الجمهور، كما هو الشأن في سجود الصلاة.
ومن ثم؛ فينبغي الخروج من الخلاف والإتيان به ولو مرة.
وإن قلدت الجمهور، فاقتصرت على غيره، فلا شيء عليك -إن شاء الله-، قال البهوتي في كشاف القناع: ويقول في سجودها ما يقول في سجود صلب الصلاة، أي: سبحان ربي الأعلى وجوبا، قاله في المبدع، وإن زاد غيره مما ورد، فحسن، ومنه -أي مما ورد-: "اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع -أي: امح- عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود"؛ لحديث ابن عباس رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال: غريب، ومنه أيضا: سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. انتهى. فهذا بيان مذهب الحنابلة.
وأما الجمهور، فلم يوجبوا هذا الذكر -كما ذكرنا-، وجوزوا الاقتصار على غيره، كما تفعله، قال النووي -رحمه الله- في شرح المهذب: والمستحب أن يقول في سجوده ما روت عائشة -رضي الله عنها- قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته"، وإن قال: "اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود -عليه السلام-"، فهو حسن؛ لما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، رأيت هذه الليلة في ما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، وكأني قرأت سجدة، فسجدت، فرأيت الشجرة تسجد لسجودي، فسمعتها وهي ساجدة تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود. قال ابن عباس: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة، فسمعته وهو ساجد يقول مثل ما قال الرجل عن الشجرة"، وإن قال فيه ما يقول في سجود الصلاة، جاز. انتهى.
والله أعلم.