السؤال
شكرا لكم جميعا، فقد استفدت منكم في الكثير من النصائح والفتاوي وغيرها.
بفضل الله أنا الآن في بداية حفظ الأحاديث النبوية، ويوجد سؤال يتردد في عقلي الآن: بعد حفظ الأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام، ثم بلوغ المرام، ثم رياض الصالحين، ثم حفظ الكتب الستة. كيف أراجع ما حفظته من الأحاديث. وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على هذه الهمة العالية، ونسأل الله أن يثبتنا واياك على الصراط المستقيم.
ولتعلم أن الاشتغال بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحفظها لا تقدر فضلا وخيرا وأجرا. ويكفي المسلم شرفا أن يكون حافظا لأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووعاء من أوعية العلم، فقد قال الله تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات {المجادلة:11}، وقال تعالى: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب {الزمر:9}.
ويكفي حافظ الحديث فضلا دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له بقوله: نضر الله امرأ سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه. رواه الترمذي.
وأما كيفية مراجعة ما حفظته من الأحاديث، فإن ذلك يكون بكثرة مراجعتها ووضع برنامج يومي للمرور على بعض محفوظاتك منها، على أن تمر بجميع ما حفظته بشكل دوري حتى يثبت ويستقر، فأهل العلم يقولون: ما تكرر تقرر.
كما يستحب لك أن لا تستعجل حتى تستطيع المواصلة والدأب على هذا السبيل، وأن لا تكثر الواجب الذي تحفظه أو تراجعه حتى لا ترهق نفسك، وتجهدها بما يفوق استيعابك وطاقة حفظك، وقد قال العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم الشنقيطي في طلعة الأنوار في آداب طالب علم الحديث:
واحذر من التطويل خوف الضجر واحذر من الحياء والتكبر.
ومما يعين على المراجعة وتثبيت المحفوظات المذاكرة مع أهل هذا الشأن والمدراسة معهم ، كما قال فيها أيضا:
واحفظ وقلل ذاكرن تذكر وتستفد ما لم يكن قبل دري .
ثم من الأسباب المعينة على مراجعة الأحاديث وتثبيتها العمل بما فيها، ولذلك كان أحمد بن حنبل لا يكتب حديثا إلا عمل به، وهو ما قاله سيدي عبد الله في الطلعة:
وما سمعت من حديث فاعمل به كما روي عن ابن حنبل
به تكون حافظا. وبجل للشيخ تبجيل الأمير المعتلي
ثم عليك بلزوم تقوى الله تعالى، واالمحافظة على الفرائض، والاستكثار من النوافل، والابتعاد عن بيئات الغفلة والمخالفات؛ لأن من شؤم المعاصي والغفلة أنها تبلد الذهن، وتضعف الذاكرة، وتحرم من نور العلم، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي .
والله أعلم.