السؤال
أنوي الذهاب إلى الحج هذا العام، وعلي ديون، فهل يجوز لي الحج، مع العلم أن صاحب الدين، قال لي:" سدد على مهلك"؟
أنوي الذهاب إلى الحج هذا العام، وعلي ديون، فهل يجوز لي الحج، مع العلم أن صاحب الدين، قال لي:" سدد على مهلك"؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن حج وعليه دين ولو كان حالا؛ فإن حجه صحيح، كما نص على ذلك أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني بعد ذكره للحقوق التي تمنع الحج، كالدين، وكحق الله في الزكاة، ونحو ذلك: ... وإن حج من تلزمه هذه الحقوق، وضيعها، صح حجه؛ لأنها متعلقة بذمته، فلا تمنع صحة فعله. اهـ.
وإذا كان هذا الدين حالا، فليس لك الخروج للحج بغير إذن صاحب الدين، وله أن يمنعك من الخروج؛ لأن حقه مقدم.
وأما إذا كان الدين مؤجلا، أو كنت معسرا، فيجوز لك السفر للحج، ولو بغير إذنه، وليس له أن يمنعك، قال النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع: قال أصحابنا: من عليه دين حال وهو موسر، يجوز لمستحق الدين منعه من الخروج إلى الحج وحبسه ما لم يؤد الدين.
فإن كان أحرم، فليس له التحلل ـ كما سبق ـ، بل عليه قضاء الدين، والمضي في الحج. وإن كان معسرا، فلا مطالبة، ولا منع.
وإن كان مؤجلا، فلا منع، ولا مطالبة، لكن يستحب أن لا يخرج حتى يوكل من يقضي الدين عند حلوله. انتهى.
وعلى كل؛ فعليك أن تبادر بأداء الدين الحال الذي استقر في ذمتك، وأن لا تقصر في ذلك؛ طلبا لإبراء ذمتك.
ولا يجب عليك الحج والعمرة إذا كنت غير مستطيع، فالاستطاعة شرط من شروط وجوب الحج والعمرة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الاستطاعة على الحج شرط من شروط وجوبه، فإن قدرت عليه، وعلى دفع القسط المطلوب منك حين الحج، لزمك أن تحج.
وإن تواردا عليك جميعا، ولا تستطيعهما معا، فقدم تسديد القسط الذي تطالب به، وأخر الحج إلى أن تستطيعه؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا {آل عمران:97}. انتهى.
وعليه؛ فالذي ننصحك به أن تبادر بإبراء ذمتك، فإن خطر الدين شديد، فإذا قضى الله دينك، فاخرج لأداء الحج، إن تيسرت لك أسبابه، وإلا فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ مبينا حكم الحج على المدين: الدين إذا كان حالا، فإنه مقدم على الحج؛ لسبقه وجوب الحج، فيوفي الدين ويحج.
وإذا لم يكن عنده شيء بعد وفاء الدين، ينتظر حتى يغنيه الله.
وإذا كان مؤجلا نظاميا: فإن كان الإنسان واثقا من نفسه أنه إذا حل الأجل يسدده، فإن الدين هنا لا يمنع وجوب الحج -سواء أذن له الدائن أم لم يأذن ـ، وإن كان لا يضمن القدرة على الوفاء، فإنه ينتظر حتى يحل الأجل. انتهى.
وأما بالنسبة لقول صاحب الدين لك: "سدد على مهلك"، فيدل على أنه جعل دينه عندك على التراخي، والتأجيل.
وعليه؛ فلا إثم عليك في الحج مع الدين.
والله أعلم.