السؤال
قلت لزوجتي وأنا غاضب: "يحرم علي لمسك"، فهل علي كفارة أم لا؟ وإذا كانت علي كفارة، فأريد أن أطعم 60 مسكينا من الدجاج والأرز، فكم المقدار؟ هل ربع دجاجة مع الأرز يجزئ؟
قلت لزوجتي وأنا غاضب: "يحرم علي لمسك"، فهل علي كفارة أم لا؟ وإذا كانت علي كفارة، فأريد أن أطعم 60 مسكينا من الدجاج والأرز، فكم المقدار؟ هل ربع دجاجة مع الأرز يجزئ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما صدر عنك من قولك لزوجتك: "يحرم علي لمسك": الراجح من كلام أهل العلم أنك إن كنت قد نويت به الظهار، كان ظهارا، وإن نويت به الطلاق، كان طلاقا، على خلاف بينهم هل يقع واحدة أو ثلاثا، وإن نويت به اليمين، كان يمينا، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: حصل فيما بيني وبين زوجتي نقاش وسوء تفاهم؛ مما أثارني، وجعلني في حالة غير طبيعية، ثم إنني قلت لها: (أنت محرمة علي، لن أقرب منك، ولن أجامعك)، أرجو من سماحتكم النظر في هذا الموضوع -وفقكم الله دائما-.
فكان الجواب: إن كان قصدك من التحريم الظهار، فعليك كفارة الظهار، وهو: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد، فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع، فأطعم ستين مسكينا، وذلك قبل أن تمسها.
وإن كان قصدك من التحريم الطلاق، وقع عليها طلقة واحدة، وجاز لك مراجعتها في العدة، إذا لم تكن هذه آخر ثلاث تطليقات.
وإن كنت لا تريد طلاقها، ولا ظهارا، بل تريد الامتناع، فعليك إذا جامعتها كفارة يمين، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد، فصم ثلاثة أيام. انتهى. وانظر الفتوى: 14259، والفتوى: 2182.
فإن كنت قد نويت الظهار، فيحرم عليك مس زوجتك قبل دفع الكفارة.
واعلم أنه لا يجزئ من ظاهر من زوجته الإطعام إلا بعد العجز عن الإعتاق، والصيام، فإذا عجز عنهما وأراد الإطعام، فالواجب أن يطعم ستين مسكينا، والأحوط تمليك كل مسكين القدر الواجب له من الكفارة.
والقدر المجزئ في الكفارة مختلف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: قدر الطعام في الكفارات كلها، مد من بر لكل مسكين، أو نصف صاع من تمر، أو شعير... وقال أبو هريرة: يطعم مدا من أي الأنواع كان، وبهذا قال عطاء، والأوزاعي، والشافعي...انتهى.
واعتبر الأحناف الواجب قدر الفطرة، قال في الدر المختار: فإن عجز عن الصوم، أطعم ستين مسكينا، كالفطرة. انتهى.
وعند المالكية: مد وثلثان، قال خليل: ثم تمليك ستين مسكينا أحرارا مسلمين، لكل مد وثلثان برا، وإن اقتاتوا تمرا، أو مخرجا في الفطرة، فعدله...انتهى.
والواضح أن أحوط هذه الأقوال هو مذهب الأحناف، واللازم عندهم إخراجه نصف صاع، وقدره كيلو ونصف تقريبا، وقيمة ذلك هي بحسب البلد، ونوع الطعام المخرج، فانظر ما تخرجه من ذلك في البلد الذي أنت فيه.
فإن أخذت للمساكين الذين تريد إطعامهم في الكفارة وجبات من المطاعم -كالدجاج والأرز الذي سألت عنه-، فليكن لكل واحد منهم ما يغديه أو يعشيه من تلك الوجبات، ولا بأس بذلك عند بعض أهل العلم، جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: ولو غدى المساكين أو عشاهم، لم يجزئه، سواء فعل ذلك بالقدر الواجب، أو أقل، أو أكثر، ولو غدى كل واحد بمد، لم يجزئه، إلا أن يملكه إياه. وهذا مذهب الشافعي، وعن أحمد، رواية أخرى، أنه يجزئه إذا أطعمهم القدر الواجب لهم. وهو قول النخعي، وأبي حنيفة.. انتهى.
والله أعلم.