حكم التورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك

0 27

السؤال

ما حكم المرابحة من بنك (فرع إسلامي تم افتتاحه للبنك) مع العلم أن المرابحة شخصية وليست سيارة.
يتم شراء البنك للمعادن بالثمن الذي أريده للمرابحة، ثم يبيعها البنك لي بثمن آجل، مع إضافة هامش الربح المتفق عليه (وهو 10 % لكل سنة) ويتم تقسيطه على الشهور، مع العلم أني لا أرى بعيني هذا، ولا أملك المعادن في يدي. وكل هذا أراه على الورق فقط، وثم يتم توكيل البنك لبيع هذه المعادن.
وبعد هذا يتم وضع الأموال في حسابي عن طريق البنك. (السبب في هذه المرابحة هي الاحتياج لشراء سيارة للتخفيف من تعب المواصلات لي ولزوجتي وابنتي الصغيرة، واحتمالية العمل بهذه السيارة).
فما الحكم في هذا، حيث إنني لا أملك سعرها نقدا، ولن أستخدم هذه الأموال إلا للسيارة فقط؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالمتبادر أن التمويل المذكور من قبيل ما يعرف بالتورق المنظم. وقد صدر فيه قرار من مجمع الفقه الإسلامي بالمنع.

ففي دورته السابعة عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 13-2003/12/17، أصدر بيانا جاء فيه:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 19-24-1424/10/هـ. الذي يوافقه 13-2003/12/17م. قد نظر في موضوع: التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر.

وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو: قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف -إما بشرط في العقد، أو بحكم العرف والعادة- بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق، وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:

أولا: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية:

1- أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر، أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعا، سواء أكان الالتزام مشروطا صراحة، أم بحكم العرف والعادة المتبعة.

2- أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.

3- أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة، لما سمي بالمستورق فيها، من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه، والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.

وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.... وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة.

فالتورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل، تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضا حقيقيا، وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعه هو بثمن حال لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.

ثانيا: يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالا لأمر الله تعالى، كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلا محضا بزيادة ترجع إلى الممول. اهـ.

والمفتى به لدينا هو المنع من تلك المعاملة وفقا لما جاء في قرار مجمع الفقه.

وإذا كان البنك يمكنه أن يشتري لك سيارة ويبيعك إياها بربح، فلا بأس بذلك. وهذا يغني عن الدخول في التورق المنظم ونحوه مما منع.

ولو امتنع البنك  المذكور عن شراء السيارة، فيمكنك البحث عن بنك إسلامي يقبل تلك المعاملة بعيدا عن التورق المنظم. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة