السؤال
هل شراء أسهم شركة -مثل شركة أبل، أو مايكروسوفت- ثم بيعها حلال أم حرام؟ مع العلم أن هذه الشركات لا تدفع أرباحا على الأسهم، أي أن الربح أو الخسارة سيكون معتمدا على سعر بيع السهم، وهذه الشركات من الممكن أن تتعامل مع البنوك، وتأخذ ديونا بالفائدة، وهل شراء أسهم من الشركات التي تعطي أرباحا حلال أم لا؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يمكننا الحكم على أسهم شركة بعينها؛ لكون ذلك مما يحتاج إلى تصور تام لكل ما يتعلق بالشركة من حيث النشاط، والتمويلات، وغيرها.
والذي يمكننا قوله هنا أن نذكر لك حكما مجملا، وهو: أنه يشترط لجواز شراء الأسهم شرطان:
الأول: أن يكون النشاط الذي تزاوله الشركة مباحا.
الثاني: ألا تضع الشركة جزءا من مال المساهمين في البنوك الربوية لأخذ الفائدة وإضافتها إلى أرباح الشركة، أو تقترض بالربا:
فإن كان نشاطها مباحا لكنها تقترض بالربا، أو تودع جزءا من أموال المساهمين في البنوك الربوية؛ فهي شركة مختلطة.
وهذا النوع من الشركات قد اختلف فيه أهل العلم، فذهبت طائفة من العلماء المعاصرين إلى أنه لا يجوز شراء سهم أي شركة تتعامل بالربا، ولا الاكتتاب فيها، ولو كان نشاطها الأصلي مباحا، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ونصه: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات -كالربا، ونحوه- بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة. اهـ.
وكذا صدر بذلك قرار من المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والتي مقرها مكة المكرمة، ونصه: لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالما بذلك. اهـ.
وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة السعودية، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين.
وذهبت بعض الهيئات الشرعية القائمة على المؤسسات الاستثمارية الإسلامية إلى جواز المساهمة فيها بضوابط محددة، مع وجوب التخلص من نسبة الفائدة الربوية التي يتم الحصول عليها ضمن الأرباح الناتجة، وما استدل به كل فريق ومناقشة الأدلة، كل ذلك مدون في أبحاث المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيره من الهيئات الرسمية.
ويستحب للمسلم في هذه الحالة أن يخرج من الخلاف بفعل الأحوط، وهو ترك ما اختلف في تحريمه، وفعل ما اختلف في وجوبه؛ فبه تبرأ الذمة بيقين.
وكون الغرض من شراء الأسهم ليس الأرباح التي تعطيها الشركة، ولن ينتظرها المضارب، أو هي لا تعطي أرباحا لملاك الأسهم، فكل ذلك لا يؤثر في الفتوى، ولا يخرجها عن كونها شركة مختلطة، ما دامت تقترض بالربا، أو تودع الفائض من أموالها في البنوك الربوية؛ فلذلك تأثير على القيمة السوقية لأسهمها.
والله أعلم.