تصدّق الفقير ودفع الزكاة للمحتاج الذي لا يقبلها لو علم بذلك

0 5

السؤال

أحد أقاربي توفي والده قبل عشر سنوات، ومنذ مات والده وهو يخرج خمسين جنيها شهريا صدقة على روحه، ويعطي المبلغ لأخيه أو لأمه حتى يخرجاه، ومرتبه حاليا لا يكاد يكفي البيت والمصاريف، وهو مريض، وينفق شهريا 500 جنيه على العلاج، ومرتبه لا يفي بالعلاج، وسألنا فقالوا: يستحق الزكاة طالما أن مرتبه لا يفي بكل المتطلبات، وأعطيناه من أموال الزكاة، ولم نخبره بأن هذه الأموال زكاة؛ مراعاة للمشاعر، وحتى يقبلها، بل نقول له: هذه مساعدة لمصاريف العلاج، وقلنا له: امتنع عن دفع الخمسين جنيها التي تدفعها عن والدك؛ لأنك تحتاج إليها في المصاريف، فرفض، وأصر على إخراجها عن والده، والأسئلة:
1- هل يجوز لنا أن تأخذ منه الخمسين جنيها لإخراجها صدقة على روح والده، ثم نعيدها له مرة أخرى من أموال المساعدة التي نعطيها له كل شهر دون علمه أن هذه هي الخمسين جنيها التي دفعها، مع العلم أنه محتاج لها بالفعل؟ أم لا بد أن نخرجها صدقة لغيره؟ مع العلم أنه لا يحدد مكان صرف الأموال، وإنما يعطي الخمسين جنيها، ويقول: على روح والدي، وهم يخرجونها.
2- هل يأخذ ثواب الخمسين جنيها لو أرجعناها له دون علمه مرة ثانية؟
3- هل والده المتوفى يأخذ ثواب الخمسين جنيها أم لا، إن أرجعناها له؟ مع العلم أن الخمسين جنيها لا تحسب من أموال الزكاة المدفوعة. جزاكم الله عز وجل خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:  

فننبهكم ابتداء إلى أمرين:

أولهما: إذا كان صاحبكم لا يقبل الزكاة لو علم أنها زكاة ــ كما فهمناه من السؤال ــ، فإنه لا تدفع له الزكاة؛ حتى يخبر بحقيقتها، كما بيناه في الفتوى: 265702، فأخبروه ابتداء أنها زكاة، فإن قبلها فذاك، وإلا فادفعوها لغيره من مصارف الزكاة.

ثانيهما: ما دام محتاجا، فإنه ليس له أن يتصدق، وقد نص الفقهاء على أن المتصدق بما ينقص مؤنة من تجب عليه نفقتهم يأثم، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وإن تصدق بما ينقص مؤنة من تلزمه مؤنته، أثم، وكذا لو أضر ذلك بنفسه، أو بغريمه، أو بكفالته. اهــ.

وليس لكم أن تحتالوا عليه، فتأخذوا منه الصدقة، ثم تردوها إليه: لأنه إن كانت الصدقة تنقص حاجته، فهو إثم، كما تقدم، ولا تجوز الإعانة على الإثم، وفعلكم هذا مخالف أيضا لمقتضى العقد، ولو لم تكن الصدقة تنقص مؤنته؛ لأنه حين وكلكم بإخراج تلك الصدقة، فإنه لم يقصد نفسه، وأنتم تعلمون أنه لو علم بأنكم ستردونها عليه لما قبل، ولما وكلكم.

ومن المعلوم أنه لا يجوز للوكيل أن يخالف الموكل، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز للوكيل أن يتصرف على خلاف قول الموكل، فإن خالف الوكالة، ضمن الوكيل للموكل. اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية: الوكالة الخاصة هي: ما كان إيجاب الموكل فيها خاصا بتصرف معين، كأن يوكل إنسان آخر في أن يبيع له سلعة معينة. وفي هذه الحالة؛ لا يجوز للوكيل أن يتصرف إلا فيما وكل به، باتفاق الفقهاء. اهـ.

ولا يجوز لكم أيضا أن تدفعوا تلك الصدقة نيابة عنه من مال الزكاة قبل أن يقبض منكم هو الزكاة؛ لأن مال الزكاة قبل أن يقبضه هو لا يملكه، ولا يزال المبلغ زكاة.

والزكاة لا تدفع في الصدقة عن الأموات، بل لها مصارف محددة لا تدفع في غيرها.

وكذا إذا قبض هو الزكاة، فإنه يملك المال، وليس لكم أن تتصرفوا فيما ملكه بغير إذنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة