السؤال
ما صحة قصة نذر عبد المطلب ذبح أحد أولاده، إن رزق عشرة من الولد، وأنه كان فداؤه مائة الأبل، وأقرها الإسلام فيما بعد دية للقتل؟ وهل علق أحد من المتقدمين أو المتأخرين على صحة القصة؟ وإن لم يكن أحد قد علق على صحتها، فما قولكم فيها أنتم -بارك الله فيكم-؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقصة المشار إليها مذكورة في كتب السير، والتواريخ، والحديث، بألفاظ مختلفة متقاربة. وذكرها ابن هشام، وابن إسحاق في سيرتيهما، وابن سعد في الطبقات، وغيرهم.
ولم نقف لها على سند صحيح، ولا نعلم أحدا من أهل العلم حكم بصحتها، وممن رواها الحاكم في المستدرك بإسناد ضعيف، قال عنه الإمام الذهبي: واه.
فقد روى الحاكم في فضائل الأنبياء، من حديث عبد الله بن محمد العتبي -من ولد عتبه بن أبي سفيان- عن أبيه، قال: حدثني عبد الله بن سعيد، عن الصنابحي: قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القوم الذبيح، فقال بعضهم: هو إسماعيل، وقال بعضهم: هو إسحاق. فقال معاوية: على الخبير سقطتم، كنا يوما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه أعرابي، فقال: يا رسول الله خلفت البلاد يابسا والماء عابسا، هلك العيال، وضاع المال؛ فعد علي بما أفاء الله عليك -يا ابن الذبيحين-، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، وما الذبيحان؟ قال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم، نذر لله إن سهل له أمرها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم، فأسهم بينهم، فخرج السهم على عبد الله، فأراد ذبحه، فمنعه أخواله من بني مخزوم، وقالوا: ارض ربك، وافد ولدك، قال: ففداه بمائة ناقة، قال: فهو الذبيح، وإسماعيل الثاني.
وفي بعض الروايات: أن الذي أشار عليه بأن يفديه بالإبل بنات عبد المطلب أخوات عبد الله، كما عند ابن سعد في الطبقات: فأخذ بيده يقوده إلى المذبح ومعه المدية، فبكى بنات عبد المطلب وكن قياما، وقالت إحداهن لأبيها: أعذر فيه بأن تضرب في إبلك السوائم التي في الحرم، فقال للسادن: اضرب عليه بالقداح، وعلى عشر من الإبل...
وعند ابن هشام في السيرة أنه استفتى عرافة بالحجاز.
ونرى أن مثل هذه القصة لا يتعلق بها حكم شرعي، ولا عمل، ولا اعتقاد، فلا تضيع وقتك في البحث والتدقيق عن صحة إسنادها.
والله أعلم.