السؤال
هناك كثيرون على الإنترنت يقولون إن كل الأحاديث عن اللواط ليست صحيحة، وصححها الألباني فقط. هل يمكنك توضيح هذا الادعاء بإعطائي آراء علماء الحديث حول الأحاديث عن اللواط، وقتل من يرتكب اللواط؟
هناك أيضا الكثير من الشيوخ الذين يقولون إن هذه الاحاديث ليست صحيحة، حتى البخاري قال إن هذه الأحاديث ليست صحيحة.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم عمل قوم لوط، واعتباره من الفواحش، لم يأت في الأحاديث فقط، بل جاء به القرآن، وبين الله فيه العقوبة التي أحلها بقوم لوط، كما هو معلوم.
وإن كنت تعني بقولك: "الأحاديث عن اللواط" أي الأحاديث التي جاءت بذكر الحد فيه، وأن فاعله يقتل، فقد جاء فيه عدة أحاديث، وأشهرها حديث ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به.
قال الحافظ في التلخيص: رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، من حديث عكرمة، عن ابن عباس، واستنكره النسائي، ورواه ابن ماجه والحاكم من حديث أبي هريرة، وإسناده أضعف من الأول بكثير... وحديث ابن عباس مختلف في ثبوته. اهــ
ولا شك أن العلماء اختلفوا في صحة الحديث، كما قال الحافظ، ولكن لم ينفرد الألباني بتصحيحه -كما زعم ذلك القائل- بل صححه غيره كالشيخ أحمد شاكر، وصححه جماعة من العلماء قبل الألباني بمئات السنين.
فقد قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره على تصحيحه الإمام الذهبي في التلخيص، وصححه أيضا ابن عبد الهادي في المحرر، وابن حبان، وصححه ابن القيم وقال في الجواب الكافي: رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره، واحتج الإمام أحمد بهذا الحديث، وإسناده على شرط البخاري. اهـ
كما صححه ابن جرير الطبري في كتابه تهذيب الآثار فقد صحح حديث ابن عباس بلفظ: اقتلوا مواقع البهيمة والبهيمة، والفاعل والمفعول به في اللوطية، واقتلوا كل مواقع ذات محرم. وقال: وهذا خبر عندنا صحيح سنده. اهــ
واحتج به أيضا ابن تيمية ونقل اتفاق الصحابة على قتل من عمل عمل قوم لوط، فقد قال رحمه الله: والرجم شرعه الله لأهل التوراة والقرآن، وفي السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- {من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به}". ولهذا اتفق الصحابة على قتلهما جميعا؛ لكن تنوعوا في صفة القتل: فبعضهم قال: يرجم، وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار في القرية، ويتبع بالحجارة، وبعضهم قال: يحرق بالنار. اهـ
ولو فرض أن الحديث لم يصح، فإنه يكفي اتفاق الصحابة على العمل بمضمونه، وأن عقوبة من يعمل عمل قوم لوط القتل.
ومن المهم أن تعلم -أخي السائل- أن كثيرا من أهل الأهواء الذين يشككون في الأحكام الشرعية ربما يستدلون على تضعيف بعض أحاديثها بقول عالم من علماء الحديث، وهم في الحقيقة لا يأخذون بقول ذلك العالم، ولا يعتدون به أصلا، كمن يحتج بتضعيف البخاري لحديث ما، ثم تراهم يخالفون البخاري في أحاديث أخرى رواها في صحيحه، كحديث قتل المرتد، بل تجدهم يصرحون في مواطن بأنهم لا يعتدون بصحيح البخاري أصلا، فأمثال هؤلاء يجب الحذر منهم، ومن شبهاتهم.
والله أعلم.