هل للأب التدخل الأب في خصوصيات أولاده؟

0 27

السؤال

هل من حق الأب التدخل في خصوصيات وشؤون ابنته البالغة من العمر 25 عاما، مع العلم أنها تعمل وتصرف على نفسها، ولكنها تعيش في بيته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

   فقد جعل الشرع للوالدين مقاما عظيما، وأعلى من شأنهما، يدل على ذلك أنه قرن حقهما بحقه، فقال سبحانه: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا {الإسراء:23}.  وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. وروى الترمذي وابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فأضع ذلك الباب أو احفظه.

قال الطيبي في شرحه على مشكاة المصابيح: أي خير الأبواب وأعلاها. والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوصل به إلى الوصول إليها، مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه. اهـ.
  والغالب في الوالد - أبا كان أم أما- الشفقة على أولاده، والحرص على ما فيه مصلحتهم، وخاصة الإناث منهم، ومن هذا المنطلق يكون تعامله معهم.

فلا ينبغي اعتباره كغيره من الناس بحيث ينظر إلى ما قد يصدر عنهم على أنه تدخل في الخصوصيات، بل ينظر إليه على أنه حرص على المصلحة، وخوف من المفسدة، وقيام بالواجب.

وما جاء في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون {التحريم:6}، وقوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم {النساء:11}.

قال السعدي: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد. وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة.

فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.

 وننبه إلى أنه ينبغي للوالدين الحرص على رعاية الأبناء منذ الصغر، وحسن توجيههم وتربيتهم على القيم النبيلة والخلق القويم، ليجدوا ثمرة ذلك تقى وخيرا وصلاحا في الأولاد، فتقر عين الوالدين برؤية أولادهم على الخير، قال تعالى: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما {الفرقان:74}.

نقل ابن كثير في تفسيره عن الحسن البصري -وسئل عن هذه الآية- فقال: أن يري الله العبد المسلم من زوجته، ومن أخيه، ومن حميمه طاعة الله. لا والله، ما شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولدا، أو ولد ولد، أو أخا، أو حميما مطيعا لله عز وجل. اهـ.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات