السؤال
لقد سمعت أن لا كفارة على الشخص إذا نذر ألا يعصي أبدا؛ لأنه يجب عليه ترك المعصية، فهل يعني ذلك أنه إذا أذنب صار عليه ذنبان: ذنب مخالفة ما نذر وحلف، وذنب المعصية؟ علما أني حلفت -على ما أذكر- مع النذر، وأشك أنني نذرت نذرا، لكن ليس على ترك معصية، فإذا لم أكفر عنه، فهل أحاسب؟ فأنا أشك، ولا أريد أن يبقى علي ذنوب مثل هذه، وقد حلفت كثيرا على فعل أشياء، ولم أفعلها، وكنت جادا، ولا أعرف عددها، فما الكفارة؟ وأنا أخاف أن أكون قد نسيت شيئا، ويبقى الذنب لم أكفره.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما نذر ترك المعصية، فمحل خلاف بين العلماء، فمنهم من رأى انعقاده، ولزوم الكفارة بالحنث فيه.
وعند هذا القائل أن الإثم يزداد بمخالفة النذر؛ لكون الوفاء بالنذر واجبا، فوجب ترك المعصية من طريقين: طريق الوجوب الشرعي، وطريق النذر.
وعند أكثر العلماء أن هذا النذر لا ينعقد؛ لأن ترك المعصية واجب بأصل الشرع.
وعلى هذا القول؛ فهذا النذر لغو، لا عبرة به، ولا يزداد الإثم بفعل تلك المعصية، وانظر الفتوى: 131236.
وما تشك فيه من الحلف أو النذر، فالأصل عدم صدوره عنك، وأنه لا يلزمك شيء، وانظر الفتوى: 318256.
وإن كنت حلفت أيمانا كثيرة لا تذكر عددها؛ فعليك عند الجمهور أن تتحرى، فتكفر عن كل واحد منها كفارة، وتعمل بما يحصل لك معه اليقين، أو غلبة الظن؛ لأن هذا هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
ويرى فقهاء الحنابلة أن الأيمان التي موجبها واحد، تتداخل، إذا لم تكفر عنها، وتجزئك عنها كفارة واحدة، وقول الجمهور أحوط، وأبرأ للذمة. وانظر الفتوى: 412162.
والله أعلم.