السؤال
أشكركم لأنكم أجبتم عن سؤالي السابقين.
منذ سنوات كنت أحفظ القرآن، وقلت لصديقتي: أنا لا أحب جزء عم، ولكنني أحب جزء تبارك، وأتذكر موقفا آخر قلت فيه: سورة التوبة تقلقني؛ لأن -لا أتذكر السبب بالضبط- فيها وصفا للمنافقين والكفار، وأنا خائفة، فمنذ قليل قرأت عن نواقض الإسلام، فخفت على نفسي، فتبت توبة نصوحا، علما أني لم أكن أعلم أن كل ما قلته حرام، فهل أعذر بجهلي؟ ولو كنت أعلم لسكت، ووالله إني أحب سورة التوبة، وجزء عم، وجزء تبارك، وكل القرآن، وكل ما هو من عند الله، وهل يعذر من قام بإحدى نواقض الإسلام جاهلا، ولو كان يعلم أنها من النواقض ما قام بها؟ وما حكم من قال عن شخص: هذا أكثر من أحب في العالم، أو هذا الشخص أكثر شخص أحبه في العالم؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاطمئني، ولا تقلقي، فأنت مسلمة -إن شاء الله-، ولست كافرة، ولا مرتدة.
واعلمي أن العبارات المحتملة للكفر، لا يكفر بها المسلم، كما في الفتوى: 392620.
فقولك: (أنا لا أحب جزء عم، ولكنني أحب جزء تبارك) على ما فيه من بشاعة، يحتمل أن جزء تبارك أحب إليك من جزء عم، وهذا لا إشكال فيه.
وأما قولك: (سورة التوبة تقلقني): فلا إشكال فيه أصلا؛ فالخوف والقلق مما تضمنته السورة الكريمة من وعيد لأهل النفاق مشروع، قال الألوسي في تفسيره: ولها عدة أسماء: الفاضحة، أخرج أبو عبيد، وابن المنذر، وغيرهما عن ابن جبير قال: قلت لابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: سورة التوبة قال: التوبة، بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم؛ حتى ظننا أنه لا يبقى أحد منا إلا ذكر فيها. وسورة العذاب، أخرج الحاكم في مستدركه عن حذيفة قال: التي يسمون سورة التوبة هي سورة العذاب.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جبير قال: كان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى- عنه إذا ذكر له سورة براءة، وقيل: سورة التوبة قال: هي إلى العذاب أقرب، ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحدا. اهـ.
والجهل في الجملة عذر مانع من تكفير المعين الواقع في ناقض من نواقض الإسلام، كما سبق بيانه في الفتوى: 273493.
وأما قولك: (ما حكم من قال عن شخص: هذا أكثر من أحب في العالم، أو هذا الشخص أكثر شخص أحبه في العالم؟)، فلا إشكال في هذه العبارة.
وننصحك بالإعراض عن الوساوس، وترك التشاغل بها، وراجعي في علاج وساوس الكفر الفتوى: 214492.
والله أعلم.