السؤال
أعمل في مطعم، وكان لي صاحب في العمل يتكلم عني لمدير المطعم، ويقول له إني لا أعمل؛ وقد تضايقت منه كثيرا؛ وذات يوم غضبت منه. فذهبت إلى المدير، وقلت له إنه يسرق من النقود، فطرده مدير المطعم من العمل. وأنا حاليا نادم ندما شديدا، وأحب أن أخبره؛ لأنني قد سمعت كثيرا عن خطر الظلم؛ فأصبحت أستغفر له، وأتصدق عنه، ولا زلت على تواصل معه إلى الآن.
هل أخبره وأطلب منه المسامحة، وأنا قابل لكل ما سيفعله، لكن هل من المعقول أن يغضب ربي علي؛ إذا أخبرته؛ فقد شاهدت فيديوهات تقول: لا تخبره، فقد سترك الله. لكني أريد أن أخبره؛ لكي أرتاح.
هل يمكن أن تساعدوني.
أريد أن أترك العمل؛ لأني كلما دخلت مكان العمل أتذكره.
هل إذا تركت العمل ربنا يغضب علي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتجاوز عنك، والتوبة من البهتان تحصل بالندم على ما مضى، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه، ويجب عليك مع ذلك أن تكذب نفسك، وتخبر صاحب المطعم بأنك قد بهت الرجل، وافتريت عليه.
جاء في شرح مطهرة القلوب: ويجب أن تكذب نفسك عند من شهدت عنده، عليه بزور .اهـ.
وفي بريقة محمودية: (وتوبة البهتان بثلاث: عزمه على تركه، واستحلاله إن أمكن) بكونه حيا حاضرا، ولا يؤدي إلى فتنة. وإلا فالدعاء والاستغفار له، والتضرع إلى الله تعالى رجاء أن يغفر الله تعالى (وتكذيب نفسه عند السامعين) لبهتانه. اهـ.
وفي هذا النقل الأخير: إيجاب إخبار المفترى عليه، واستحلاله إن لم يؤد ذلك إلى فتنة، وهذا قول بعض العلماء.
ومن العلماء من لا يوجب إخباره، ويرون أن الأولى عدم إخباره؛ لما فيه من مفسدة، ويكتفى بالدعاء والاستغفار له.
جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: تجب التوبة فورا من القذف والغيبة وغيرهما، ولا يشترط لصحتها من ذلك إعلام مقذوف أو مغتاب ونحوهما. نقل مهنا: لا ينبغي أن يعلمه؛ لأن في إعلامه دخول غم عليه وزيادة إيذاء.
وقال القاضي، والشيخ عبد القادر: يحرم على القاذف ونحوه إعلام مقذوف ومغتاب ونحوه.
وقال الشيخ تقي الدين: الصحيح لا يجب الاعتراف للمظلوم، ولو سأله، فيعرض في إنكاره حذارا من الكذب -ولو مع استحلافه- لأنه مظلوم؛ لصحة توبته، فينفعه التأويل. وقال أيضا: واختار أصحابنا لا يعلمه، بل يدعو له في مقابلة مظلمته. اهـ.
وهذا ما رجحناه في الفتوى: 231601.
وعليه؛ فلا يجب عليك إخبار صاحبك بما فعلت، بل يكفيك الدعاء والاستغفار له.
والله أعلم.