السؤال
اختلف العلماء في سجدات التلاوة في القرآن: في سورة فصلت هل هي في الآية "... إن كنتم إياه تعبدون" أم في الآية "...وهم لا يسأمون"؟
وكذلك هل هناك سجدة في آخر سورة النجم، وسورة الانشقاق، وآخر سورة العلق؟
وما هو منشأ هذا الخلاف؟ وما هو الراجح من الأقوال؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن سجدة التلاوة في سورة فصلت عند قوله تعالى: وهم لا يسأمون [فصلت: 38].
وذهب المالكية في المشهور عندهم وهو وجه عند الشافعية، إلى أنها عند قوله تعالى: إن كنتم إياه تعبدون [فصلت: 37].
ورجح ابن حزم هذا القول لأمرين:
الأول: أن الآية التي يسجد عندها قبل الأخرى، والمسارعة إلى الطاعة أفضل.
والثاني: أنه أمر بالسجود واتباع الأمر أولى؟ وقال بعض من لم يوفق للصواب: وجدنا السجود في القرآن إنما هو في موضع الخبر لا في موضع الأمر؟ قال أبو محمد: وهذا هو أول من خالفه، لأنه وسائر المسلمين يسجدون في الفرقان في قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا} [الفرقان: 60] وهذا أمر لا خبر.. اهـ.
ورجح ابن قدامة في "المغني" القول الأول قائلا: ولنا، أن تمام الكلام في الثانية، فكان السجود بعدها، كما [كان في سجدة] النحل عند قوله: {ويفعلون ما يؤمرون}. وذكر السجدة في التي قبلها، كذا ههنا. اهـ.
وعلى كل حال، فالأمر فيه سعة، فمن ترجح عنده أحد القولين، فلا حرج عليه في الأخذ به دون تعنيف على الآخر بالقول الآخر، لأن النص الثابت معدوم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والعلتان اللتان ذكرهما ابن حزم، وابن قدامة تكادان تكونان متساويتين.
أما السجدة في سورة النجم والانشقاق والعلق، فمشروعة عند جمهور أهل العلم، وذهب المالكية في المشهور إلى أنه لا سجود في شيء من المفصل، وسبب الاختلاف هو اختلاف الأدلة الواردة في ذلك.
والله أعلم.