مؤاخذة العبد بما يفعله وقت الذهول بسبب تناول الأدوية

0 28

السؤال

أنا مصاب بمرض يؤثر على تركيزي وذاكرتي بشدة، وأتناول دواء للصرع يسبب لي غفلة وبطئا في الاستجابة والإدراك، فربما أفعل أشياء وأنا ذاهل، أو أفعلها قاصدا مدركا لها، ولكني ذاهل وغافل تماما عن حكمها الشرعي، فهل تجوز أم لا؟ وقد تكون معصية، أو عدم إنكار قلبي لمنكر قد يكون كفرا، أو شركا بالله، ونحو ذلك مما لا يتصور أن ينساه أو يذهل عنه أحد، وربما أقرأ كتابا فيه بعض المنكرات، أو ألعب لعبة فيها بعض المنكرات، وأنا أنوي تجاوز كل تلك المنكرات، أو إنكارها بقلبي، ولكن بسبب حالتي المرضية، أو الدواء، أو كلاهما معا قد لا أفطن إلى أنها لا تجوز إلا بعد لحظات، فأتجاوز المنكرات فورا، أو أنكر المنكر بقلبي فورا عند تذكري، أو زوال غفلتي وذهولي، وهذا يحدث معي في الأشياء الدينية والدنيوية معا، فربما أنسى صنبورا مفتوحا عدة مرات، أو أقرأ أشياء وأنساها، وهناك فتاوى في موقعكم قرأتها أكثر من عشرين مرة، وأسجلها عندي في الكمبيوتر، وأقرأها عدة أيام، وبعد قراءتها أنساها، وأعيد قراءتها مرات أخرى، ثم أنساها ثانية، وهكذا، وأنا أعرف أن الخطأ والنسيان مرفوعان عن الأمة، ولكني قرأت في فتوى على موقعكم برقم: 154853 ما نصه: "وهذا كله فيما يتصور فيه الجهل والنسيان، وأما ما لا يتصور فيه ذلك -كسب الدين مثلا-، فلا يكون ذلك عذرا لفاعله"، وأنا في حالتي هذه قد أكون مدركا لما أفعل، قاصدا له، ولكني ذاهل عن الحكم الشرعي تماما، ليس أنه كفر أم لا، ولكن أذهل وأغفل وأنسى تماما أنه معصية لا تجوز، ويتباطأ فهمي وإدراكي عن ذلك، وربما لا أتذكر، ولا تزول غفلتي، وأنسى الأمر بالكلية، ولا أدركه إلا بعد فترة طويلة، وهذا الأمر يقل عند تركي للدواء، ولكني لا أستطيع تركه بسبب حالتي المرضية، فهل أنا مؤاخذ على فعلي للمعصية، وإن كانت كفرا في لحظات ذهولي وغفلتي الشديدة؟ فأنا مصاب بالرعب من التفكير في هذا الأمر؛ ومصاب كذلك بوسواس قهري، علما أن بعض أدوية الصرع مشهورة بتأثيرها على الذاكرة والإدراك، بل إن بعض من يتناولونها عندما يسألون عن أسمائهم يفكرون قليلا قبل أن يستطيعوا تذكر أسمائهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد

فلا داعي لهذا الخوف، وذلك الرعب، ونسأل الله لك الشفاء، والعافية.

ثم اعلم أن الله تعالى رحيم، وأنه تعالى أرحم بالعبد من الأم بولدها، وأنه تعالى لا يؤاخذ من كان في مثل حالتك في الحال التي يكون فيها ذاهلا، أو ناسيا، أو مخطئا؛ لأن العقل هو مناط التكليف، فإذا زال، ارتفع التكليف، وقد قال الله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا {البقرة:286}، وقال تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم {الأحزاب:5}.

فمهما كان ما تفعله في حال النسيان، وذهاب العقل، فأنت غير مؤاخذ به، فهون عليك، واستمر في الدواء، ومراجعة الأطباء؛ حتى يعافيك الله تعالى بمنه وكرمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة