حدُّ الضرورة للاقتراض بالربا

0 11

السؤال

مرحبا أيها الأفاضل. أنا أشتغل محاسبا بشركة حكومية، تعرضت في الفترة الأخيرة إلى ابتلاء بالسجن بسبب اللحية والتدين، ولكن القضاء أنصفني، وخرجت بعد شهر من السجن، وكان لدي بجانب الشغل مشروعان كبيران، فلما خرجت من السجن وجدت نفسي بدون الشغل والمشروعين من كثرة ما دفعت من أجرة للمحامين، وأجرة كراء المحلات، ووجدت نفسي في حاجة إلى كثير من النقود، وابتعادا عن الربا انتظرت حتى عدت إلى شغلي، وبعد عودتي ذهبت إلى عدة مغازات، فاشتريت سلعة بالتقسيط، وبعتها بالحاضر، وأنا اليوم كل راتبي تأخذه تلك المغازات، ومنذ عام ونصف وأنا على هذه الحالة، وفي الفترة الأخيرة قدم علي أحد التجار قضية بعدم خلاص شيك لم أتمكن من خلاصه، والمحكمة تطالبني بالخلاص. إضافة إلى أن هناك جمعية أخرى قامت بعقل -أي رهن- سيارة أبي؛ لأنني لم أتمكن من خلاصها هي كذلك، بالإضافة إلى أن القضية الأولى والتي بسبب التدين قد استأنفتها المحكمة، فالمحامون طلبوا مني مزيدا من النقود.
فهل لي أن أسلك طريقا ربويا في الشركة التي أشتغل فيها بحيث إنها تعطيني خمسة ملايين، ويقومون بالقطع من راتبي على مدة ثلاث سنوات؟
أنا في الحقيقة خائف من الربا؛ لأني سلكته مرة بدعوى الضرورة، لكن تحطمت أيما تحطم. وأرجو منكم إن كانت الإجابة بنعم أن تعطوني دليلا يرتاح به بالي، لأسلك هذا الطريق؛ لأنني فيما بعد كل مصيبة ستحصل لي سأبقى ألوم نفسي، وأقول كل هذه المصائب من الربا الذي تعاملت به. مع العلم أنني من تونس، وهنا النظام نظام علماني، لا يوجد أي تعامل مالي إسلامي، والناس في حاجة ماسة، لا يستطيعون إقراضي.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يكشف كربك، وأن يجعل لك من بعد عسرك يسرا، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.

وأما ما سألت عنه حول الاقتراض بالربا للحاجة التي وصفتها، فالجواب أن الربا من المحرمات العظيمة، وقد توعد الله أطراف الربا أشد وعيد، حيث قال: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون [البقرة: 278 - 280].

وفي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه-، قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.

وعليه؛ فلا يجوز تقحمه إلا عند تحقق الضرورة التي تبيح المحظور، وحدها أن يقع المرء في مشقة إن لم يتناول معها الحرام هلك، أو أشرف على الهلاك. ومن يجد بنوك إسلامية، أو بدائل عن الربا، لا يباح له الاقتراض بالربا.  

وفي تونس بعض البنوك الإسلامية؛ كمصرف الزيتونة، وبنك البركة، وبنك الوفاق. يمكنك التعامل معها لدفع تلك الحاجة .

والربا لا خير فيه، والمستجير به عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار، فاسلك السبل المشروعة لدفع حاجتك، وأكثر من الاستغفار والدعاء، فذاك باب لتيسير الأمور، وتفريج الكروب.

قال -صلى الله عليه وسلم-: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود.

وفي الحديث في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة ؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي، وقضى عني ديني

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة