الرياء في الصلاة هل هو من الشرك الأكبر؟

0 34

السؤال

هل يغفر الله للذي يزين صلاته عند رؤية أحد ما؟ وهل قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يخاف علينا من هذا الفعل أكثر من فتنة الدجال، يدل على أن هذا النوع من الرياء غير قابل للمغفرة؛ لأنه شرك أكبر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الرياء في الصلاة، أو غيرها من العبادات، هو في الأصل من الشرك الأصغر، وليس من الشرك الأكبر، إلا إذا كان الرياء محضا بأن صلى المصلي من أجل المخلوقين، دون أي التفات إلى الخالق سبحانه، فهذا لا يكاد يصدر من مؤمن أصلا، وقد نص العلماء على أنه من الشرك الأكبر.

وأما حديث أبي سعيد، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قال: قلنا: بلى. فقال: "الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل.  أخرجه ابن ماجه، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده حسن.

فهذا الحديث لا يقتضي أن الرياء شرك أكبر في كل حال؟ وراجع في هذا الفتوى: 348361.

والتائب من الرياء يغفر له ذنبه بالاتفاق، وإذا كان الشرك الأكبر، يغفر بالتوبة، فكيف بالرياء؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والله تعالى غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب. والذنب وإن عظم، والكفر وإن غلظ وجسم؛ فإن التوبة تمحو ذلك كله، والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب، بل يغفر الشرك وغيره للتائبين، كما قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، وهذه الآية عامة مطلقة؛ لأنها للتائبين، وأما قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، فإنها مقيدة خاصة؛ لأنها في حق غير التائبين، لا يغفر لهم الشرك، وما دون الشرك معلق بمشيئة الله تعالى. انتهى.

وأما إذا مات المسلم على الرياء -الذي هو من الشرك الأصغر-، فهو تحت المشيئة: إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه.

ويرى بعض العلماء أن الشرك الأصغر لا يغفر، كالشرك الأكبر؛ لعموم الآية، إلا أن صاحبه لا يخلد في النار، وراجع في هذا الفتوى: 372166.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة