من وعد الله بالاجتهاد في فعل الخير قدر المستطاع

0 28

السؤال

شخص دعا الله أن يوفقه للإنجاب، وقال: "يا الله، وفقني للإنجاب، وأعدك -يا الله- أنني بعد الإنجاب سأحسن إلى عشرة مساكين، وسأجتهد في فعل الخير قدر المستطاع"، بنية وعد خالصة، وهو على علم أنه لا يقايض مع الله العمل الحسن، وكان ينوي الوفاء لدرجة كبيرة، حتى أنه قال: "ربي أدخلني النار إن لم أف بها؛ لأنك أنت أدرى وأعلم أنني أريد بصدق أن أفي بها".
ومسألة الإحسان إلى المساكين واضحة، أما مسألة الاجتهاد في فعل الخير؛ فهو محتار بعض الشيء في ما قد يجب فعله؛ ليستوفي هذا الشرط كاملا، وقد بحث قليلا، وصادف في موضوع آخر أن من قال: إنه سيتصدق بماله كله، فإن الثلث كفاية، فماذا يستطيع أن يفعل كي يتم وعده، بالاجتهاد في فعل الخير؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى: 285328 هل وعد الله بفعل طاعة، يعتبر نذرا؟ ورجحنا أنه يكون نذرا بالنية، وإلا كان وعدا مجردا لا نذرا.

ومع ذلك؛ فإنه من الأدب مع الله الوفاء به، جاء في الموسوعة الفقهية: والوعد كذلك يستحب الوفاء به باتفاق، يقول القرافي : من أدب العبد مع ربه إذا وعد ربه بشيء لا يخلفه إياه، لا سيما إذا التزمه وصمم عليه، فأدب العبد مع الله سبحانه وتعالى بحسن الوفاء، وتلقي هذه الالتزامات بالقبول.

لكن الوفاء به ليس بواجب في الجملة، ففي البدائع: الوعد لا شيء فيه، وليس بلازم. وفي منتهى الإرادات: لا يلزم الوفاء بالوعد نصا. وفي نهاية المحتاج: لو قال: أؤدي المال، أو أحضر الشخص، فهو وعد لا يلزم الوفاء به؛ لأن الصيغة غير مشعرة بالالتزام. اهــ.

وبناء عليه؛ فإنه يستحب لك أن تفي بذلك الوعد، إن لم تنوه نذرا، وتفي به بقدر استطاعتك.

وإن نويته نذرا، فنذر الاجتهاد في فعل الخير، معناه: أن يبذل الناذر وسعه في فعل الخير؛ لأن الاجتهاد بذل الوسع، جاء في النهاية في غريب الحديث والأثر: الاجتهاد: بذل الوسع في طلب الأمر، وهو افتعال من الجهد: الطاقة. اهــ. وفي ذخيرة العقبى في شرح المجتبى للشيخ محمد آدم الإثيوبي -رحمه الله-: الاجتهاد: لغة: بذل الجهد فيما فيه كلفة، وهو مأخوذ من جهاد النفس، وكدها في طلب المراد. اهــ.

ولم نقف على كلام واضح لأهل العلم في الحد الأدنى لبذل الوسع الذي يعتبر أقل درجات الاجتهاد، وما دمت قد قلت: "قدر المستطاع"، فهذا تقييد بأن يكون بقدر ما تستطيعه.

والذي يمكننا قوله لك هو: أن تحرص على المشاركة في كل باب خير يعرض لك، وتضرب فيه بسهم، لعلك أن تكون قد أوفيت بنذرك.  

وانظر للفائدة الفتوى: 132269، والفتوى: 221425، والفتوى: 102161

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة