كيفية تعامل الأخت مع أخواتها اللاتي ينتقدنها ويسخرن منها

0 26

السؤال

أنا فتاة قارب عمري العشرين، لدي أخوات أكبر وأصغر مني، أختي الكبرى دائما تنتقدني وتستهزئ بكلامي وشخصيتي، وكلما جلست معي تعطيني نصائح بطريقة التوبيخ بدون احترام وأمام الجميع، وتقول هي وأخواتي: دائما كل مواضيعك عن الدين (مع العلم أنني لا أعطي مواعظ، ولا شيئا، لكن أجلس مع أمي وأتكلم لها عن ما أقرأ وأسأل أبي)، أخواتي دائما جلساتهن مسخرة واستهزاء، ويعتقدن أن هذا مضحك. لا أستطيع أن أجلس هكذا معهن، أخبرتهن بذلك، أنني لا أجلس معهن لهذا، ولا أتحمل هذه الأشياء. فقالت لي أختي: كل الناس هكذا، ودائما أتلقى السخرية، فتقول لي اثنتان منهن: أين تعيشين، تظنين نفسك بكوكب زمردة؟! ويقلن لي: أنت لم تختلطي بالعالم في الخارج، إذا لم تواجهينا وتدافعي عن نفسك، فسيأتي ناس من الخارج مثلنا ويعاملونك هكذا. فكيف ستتصرفين وقتها؟
في الحقيقة أرد عليهن بكلام مثل: احترمي نفسك، أو أبتسم ولا أرد، أو أوضح لهن بأنني إذا كان الناس قليلي أدب، فأنا لست مثلهم ولن أقابلهم بالمثل.
أمي كانت معي، ثم بعدها قالت لي إن الناس في الخارج وحوش، فلا يجوز أن أكون هكذا طيبة مع الجميع، وأختي الأصغر مني بسنتين تقول لي إن الإسلام تاريخ الناس الذين قبلنا، وكيف يتصرفون، هذا زمان مضى، والآن لا ينفع هذا، نحن تطورنا.
لم اقتنع، كلما أردت أن أجلس معهن أجد المسخرة، وإذا تكلمت بشيء يبدأن بإعطائي مواعظ، أنا لا أريد أن أجلس وأستمع للمواعظ دائما. أرهقني هذا، مع العلم أنني أستمع وآخذ الجيد من النصائح، وأترك ما لا يرضي الله، يردن مني أن أجلس معهن، وهن لا يراعين ما أحب وأكره. حتى إن أختي الكبرى وأختي الأصغر مني تجلسان في مكان ما في البيت، وتعرفان أنني أنزعج من الأغاني، فتقوم إحداهن بالقول للأخرى: شغلي أغنية، عندما أرفض الخروج من المكان الذي تريدان الجلوس فيه، فتضحكان علي وأنا أخرج.
جلسات عائلتي تكون بالمسلسلات أحيانا، فلا أخرج وأجلس معهم. لا أحضر المسلسلات؛ لما فيها من الحرام، فيظنون أنني منعزلة عنهم. عندما أتابع شيئا دينيا أشعر بنظرات السخرية والغضب منهن، عندما تراني أخواتي الكبيرات هكذا.
لكي أتجنب كل هذا بدأت أعطيهن من الماديات كالملابس القصيرة التي لم أكن أريد أن أعطيها لأحد؛ لأنها غير شرعية للخروج بها، وبدأت أمدح لبسهن الذي يلبسن خارج البيت، الذي لم أكن أريد أن أمدحه؛ لأنه غير شرعي، وأخاف أن أعينهن على الباطل.
هل ما فعلته صحيح؟ وكيف أتعامل في كل تلك الحالات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز أن تعطي أخواتك من الملابس ما تعلمين أنهن سيتبرجن به؛ لأن ذلك من الإعانة على المعصية، وقد قال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب. {سورة المائدة:2}، وكذلك لا يجوز أن تمدحيهن على ذلك التبرج.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: مدح المحرمات والمكروهات، وتعظيم صاحبها هو من الضلال عن سبيل الله. انتهى.

كما أن الاستماع إلى المعازف أمر منكر، وقد بينا في فتاوى سابقة كثيرة تحريم المعازف عزفا واستماعا، وأنها من المنكرات التي تفسد القلب وتغضب الرب -سبحانه وتعالى- فالواجب على أخواتك تقوى الله تعالى، والكف عن معاصيه.

وأما عن كيفية التعامل مع أخواتك؛ فالصبر هو المقام الأول، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم. خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، والترمذي وابن ماجه.

وداومي على بذل النصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب استطاعتك. وما يصيبك من جراء ذلك، فاصبري عليه، واحتسبي الأجر من الله تعالى، قال تعالى: وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. [لقمان : 17].
قال ابن كثير -رحمه الله-: علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، لا بد أن يناله من الناس أذى، فأمره بالصبر. اهـ.
وعليك بالرفق والحلم؛ فإنه من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ..جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه؛ حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه. انتهى.

وقال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: إذا سفه عليهم سفيه، وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح. ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب. انتهى.
وإذا لم يستجيبوا لك؛ فلا تشاركيهم مجالس المنكرات واللهو، وتمسكي بدينك، واحرصي على مرضاة ربك واتقاء غضبه، ولا تلتفتي لزخارف القول ودعاوى الباطل التي تثبطك عن المحافظة على طاعة الله، والبعد عن معصيته، واستعيني بالله تعالى، واحرصي على مصاحبة الصالحات، وأكثري من ذكر الله ودعائه؛ فإنه قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة