السؤال
ما هو حكم ضرب الدف للرجال في المذهب المالكي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشهور مذهب المالكية جواز الدف للرجال في العرس كما للنساء، قال خليل المالكي في مختصره: وكره نثر اللوز والسكر لا الغربال ولو لرجل. اهــ، والغربال هو الدف، وقوله " ولو " هذا إشارة إلى الخلاف في المذهب.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي (٣/ 304):
لا الغربال: عطف على فاعل كره والغربال والدف مترادفان؛ لأن كلا منهما هو المدور ومجلد من وجه واحد، والمعنى أن الضرب بما ذكر لا يكره للنساء بلا خلاف ولا للرجال على المشهور، فلذا بالغ بقوله (ولو لرجل) خلافا لأصبغ القائل بالمنع له.
وقال الحطاب في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (٤/ 8):
واختلف هل يجوز ذلك للنساء دون الرجال أو النساء، فقال أصبغ في أن ذلك إنما يجوز للنساء، وأن الرجال لا يجوز لهم عمله ولا حضوره والمشهور أن عمله وحضوره جائز للرجال والنساء وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية في سماع أصبغ خلاف قول أصبغ وهو مذهب مالك؛ إلا أنه كره لذي الهيئة من الناس أن يحضر اللعب، روى ذلك ابن وهب عنه في سماع أصبغ. اهــ.
والذي يظهر من كلام المالكية أن الجواز إنما هو في العرس دون غيره، قال النفراوي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (٢/ 298):
ولا يحل لك أيضا أن تتعمد سماع شيء من الملاهي كالمزمار والطنبور والعود، ويستثنى من ذلك الغربال وهو الدف المعروف بالطار فإنه يجوز فعله وسماعه في النكاح، قال خليل مخرجا من الكراهة لا الغربال ولو لرجل. اهــ.
وقال الخرشي شرح مختصر خليل للخرشي (٧/ 19) عند قول خليل: وكراء دف ومعزف لعرس. اهــ قال:
والمعنى أن مالكا كره كراء ما ذكر للأعراس، ولا يلزم من إباحة ضرب الدف في العرس إباحة إجارته فيه، وأما إجارة المعزف في غير الأعراس فإنه لا يجوز، والمراد بالعرس خصوص النكاح. اهــ.
وقد ذكر بعض العلماء غير المالكية أن ضرب الدف بالنسبة للرجال لم يكن معروفا بين السلف، بل كانوا يعتبرون من يفعله مخنثا لتشببه بالنساء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (١١/ 565):
رخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح. وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ولا يصفق بكف؛ بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: {التصفيق للنساء والتسبيح للرجال} {. ولعن المتشبهات من النساء بالرجال. والمتشبهين من الرجال بالنساء}. ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا، ويسمون الرجال المغنين مخانيث، وهذا مشهور في كلامهم. اهــ.
والله أعلم.