السؤال
أنا أبلغ من العمر 29 سنة، متزوج، كنت أعمل في السعودية، وتركتها نهائيا، وكنت أعطي والدي كل ما أحصل عليه من أموال، وقد رد إلي أبي جزءا من تلك الأموال، وقال لي: "أنت ولي نفسك"، وبعد شهر أراد مني أن أقيم مشروعا في قريتي، ولكني رفضت؛ لوجود فرص أفضل من منظوري، ولكن ذلك يتعارض معه.
ومنذ أيام كنت أستأذنه لأسافر، لأستغل تلك الفرص، وأقيم مشروعي، فحلف بالله أني لن أدخل البيت مرة أخرى إن حدث ذلك، وهو الآن لا يرد علي السلام، ولا يسلم علي، فماذا أعمل؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن عليك ضرر، ولا تفويت مصلحة في طاعة والدك في إقامة المشروع الذي أراده؛ فالذي نراه أن عليك أن تطيع والدك.
أما إذا كان عليك ضرر في إقامة هذا المشروع، أو كانت مصلحتك في إقامته في موضع آخر؛ فلا حرج عليك في عدم طاعة أبيك في هذا الأمر؛ فليس للوالد أن يمنع ولده الرشيد من التصرف في ماله، والسعي للكسب الحلال، والسفر من أجل ذلك، قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معا، لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه دينا أو دنيا. انتهى.
لكن عليك الاعتذار له، والإحسان إليه، والسعي في استرضائه، والتودد إليه؛ فحق الوالد عظيم، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي خير الأبواب، وأعلاها. والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية؛ مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه. انتهى.
والله أعلم.