لا ينبغي للأب أن يجبر ولده على دراسة تخصص لا يحبه

0 292

السؤال

إني أواجه مشكلة مع والدي , حيث إنه يجبرني على تخصص معين وأنا لا أريده , بل أريد تخصصا آخر يتماشى وطموحاتي و قدراتي و رغبتي.فهو يرى أني لا أستطيع الاختيار وأنه الأدرى بمصلحتي .فماهوالحل ؟ وما هو الحكم في اختياري التخصص الذي أريد ومخالفتي لرأي أبي مما سيؤدي إلى غضبه وعدم رضاه؟!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 

فليس من مصلحة الوالد أن يحمل ولده على تخصص لا يحبه ولا يرغب فيه، بل في قسره عليه إفساد لمواهبه وتحطيم لقدراته، فإن الله تعالى خلق الناس على طباع شتى وميول مختلفة، وجعل كل واحد ميسرا لما خلق له كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل واحد ميسر لما خلق له.

وينبغي للآباء مراعة الفروق الذهنية والخلقية والاستعدادات الفطرية عند أبنائهم، فإن ذالك سبب رئيس في نجاحهم وتفوقهم في ما يستقبلون من حياتهم، ورحم الله الإمام بن القيم إذ قال كلاما جيدا بهذا الخصوص، قال: ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيؤ له منها فيعلم أنه مخلوق له فلا يحمله على غيره ما كان مأذونا فيه شرعا، فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيؤ له، فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعيا فهذه علامات قبوله وتهيؤه للعلم... وغن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها .. وأن لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعدا لها وهي صناعة مباحة، نافعة للبشر، فليمكنه منها هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج له من دينه.. ا.هـ

فالمقصود أن يعد تعليم الأب لابنه ما لا بد له من العلوم الدينية والدنيوية عليه أن يمكنه من التخصص في ما يرغب فيه، ويحبه إن كان مباحا ناقعا، ولا يقف عائقا أمام ولده.

ونرجو من الأخ الكريم أن يعرض هذه الفتوى على والده، ويتلطف معه غاية التلطف، ونرجو أن يوفقه الله تعالى إلى ما هو خير له في دينه ودنياه، هذا وإن أصر والدك على أن تدرس علما معينا لا ترغب فيه فلا يلزمك طاعته هنا، ولا يكون ذلك عقوقا منك كما لو أن أمرك أن تأكل ما تشتهي أو تتزوج بامرأة معينة لا تريدها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقا كأكل ما لا يريد، أي أكله. انتهى.

فإذا كان يلزمه طاعتهما في أكل ما لا يريد وهو مرارة ساعة، فكيف بمرارة سنوات من علم لا يحبه ولا يرغب فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة