السؤال
مرضت ذات يوم، وذهبت إلى المستشفى، وكان مرضا خفيفا، لكني خفت خوفا شديدا، واعتقدت أني سأموت، فنذرت إذا أطال الله عمري ولم أمت أن أصوم شهرين متتابعين، وأتصدق بمبلغ من المال، مع العلم أن عندي خوفا من الموت، فهل يجب علي الوفاء بالنذر؟
مرضت ذات يوم، وذهبت إلى المستشفى، وكان مرضا خفيفا، لكني خفت خوفا شديدا، واعتقدت أني سأموت، فنذرت إذا أطال الله عمري ولم أمت أن أصوم شهرين متتابعين، وأتصدق بمبلغ من المال، مع العلم أن عندي خوفا من الموت، فهل يجب علي الوفاء بالنذر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء، والعافية، وطول العمر في إيمان واستقامة.
وننبهك أولا على أن النذر المشروط يكره الإقدام عليه؛ لما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال:نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري. وانظري للاستزادة الفتوى: 56564.
ومع ذلك؛ فإن الوفاء بالنذر واجب، متى ما حصل ما علق عليه.
والظاهر أنه هنا هو الشفاء من ذلك المرض؛ لأنه هو الذي حمل على ذلك.
وبناء عليه؛ فإن كان الأمر الذي علقت عليه النذر قد حصل، فالواجب عليك أن تفي بنذرك على الكيفية التي نذرت بها؛ فقد قال الله تعالى: وليوفوا نذورهم {الحج:29}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله، فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه. رواه البخاري.
ومن نذر شيئا، ولم يستطع الوفاء به؛ فعليه كفارة يمين؛ لما رواه عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم في صحيحه. وانظري الفتوى: 2522.
والخوف من الموت، أمر فطري في الإنسان، لكنه إنما يكون محمودا إذا بعث المرء على الاجتهاد في الطاعة، والزهد في الدنيا، والإقبال على الآخرة.
وأما الخوف من الموت الذي يقعد صاحبه عن العمل، ويملؤه حزنا وغما، فليس محمودا شرعا، بل هو خوف مرضي، وعلى صاحبه أن يزيله بالعلم الجازم بأن ما عند الله خير للأبرار، وأنه إن اجتهد في طاعة الله، وأخلص له؛ لم يضره أن يأتيه الموت على هذه الحال، بل الموت راحة له حينئذ من نكد الدنيا وعنائها.
فليسلم الشخص لحكم الله، وليرض بجميع قضائه وقدره، وليعلم أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه، وليكل أموره كلها إلى ربه، وليعلم أنه لو أتاه الموت مطيعا لله، فقد أتاه الخير العظيم -نسأل الله أن يحسن ختامنا أجمعين-.
والله أعلم.