السؤال
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانوا ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث)، وفي رواية: (فإن ذلك يحزنه)، فهل من المناجاة أن يتناجى اثنان بلغة أو إشارة لا يعرفها الثالث الجالس معهم؟
وفي أحد المواقف أنه كان هناك اثنان جالسان معا في حجرة العمل، وكان أحدهما مسؤولا عن شيء في العمل -مثل الرئيس لجزء من العمل-، وعندما دخل المدير عليهم الحجرة، أخذ هذا الشخص المسؤول إلى خارج الحجرة ليحدثه بعيدا عن الشخص الثالث الجالس، فهل ما فعله هذا المدير حلال أم حرام؟ وإذا كان هناك سر لا يريد المدير أن يعرفه الشخص الثالث، فهل الطريقة التي عملها المدير تتوافق مع الشرع، أم إنه كان عليه أن يستأذن من الثالث؟ جزاكم الله عز وجل خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما يدخل في التناجي المنهي عنه: أن يتحدث اثنان بلغة لا يفهمها الثالث -إشارة كانت، أو نطقا-؛ لوجود علة النهي في هذه الحال؛ ولذلك عرف النووي التناجي في رياض الصالحين، فقال: هو أن يتحدثا سرا بحيث لا يسمعهما. وفي معناه: ما إذا تحدثا بلسان لا يفهمه. اهـ.
وقال الألوسي في روح المعاني: ومثل التناجي في ذلك أن يتكلم اثنان بحضور ثالث بلغة لا يفهمها الثالث، إن كان يحزنه ذلك. اهـ.
وانظر الفتوى: 52152.
وإذا كان اثنان في مجلس، وجاء ثالث إلى هذا المجلس، فإنه منهي عن مناجاة أحدهما دون صاحبه، كما هو ظاهر في الحديث.
وأما أن يأخذ أحدهما وينصرف من المجلس، فلا نعلم أحدا من أهل العلم أدخل هذه الصورة في النهي عن التناجي!
والظاهر أنه لا يدخل فيه.
فإذا أخذه وانصرف من المجلس، فليناجيه بعد ذلك إن شاء؛ لأنهما منفردان.
وعلى ذلك؛ فليس من التناجي المنهي عنه أن يأخذ المدير الشخص المسؤول خارج الحجرة ليحدثه بعيدا عن الشخص الثالث.
ويتأكد هذا عند الحاجة؛ لكتمان سر العمل عن غير الشخص المسؤول، قال النووي في رياض الصالحين: النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه، إلا لحاجة. اهـ.
والله أعلم.