أثر التربية الخاطئة على مستقبل الأولاد

0 34

السؤال

أنا الابنة الكبرى، عمري 16، ولدي أخ عمره 17، وآخر 13، وأخت عمرها 6.
أعلم أن طاعة الأم واجبة؛ لهذا كنت أساعدها في كل شيء، وإخوتي لا يفعلون شيئا سوى اللهو وإضاعة الوقت.
أمي تطلب مني أن أساعد أخي الصغير في حل واجباته على برنامج (التيمز). فهل أأثم إذا لم أفعل؟ فهو لا يفتح الفيديو، ولا يفعل أي شيء، ويريد أن نحل له، وليس أن نساعده. كلنا نشاهد الفيديوهات لنستطيع الحل، أما هو؛ فلا يفعل أي شيء، وأمي تغضب إذا لم أحل له، حتى أسئلة التربية الإسلامية التي يستطيع فتح الكتاب، وإيجاد الأجوبة، ينادي أمي لتفتح هي له الكتاب، وتبحث هي عن الأجوبة، وتعطيه إياها جاهزة؛ ليكتبها.
أقول لها بأن عليه أن يعتمد على نفسه، فتقول: هو لا يحب الدراسة، وإذا لم أفعل هذا، فلن يحل أي شيء، وتغضب إذا لم أحل له، وتتهمني بأني غير متعاونة.
إضافة إلى أنهم كلهم بلا استثناء يقومون بتخريب المنزل، كلما أرتب المنزل يأتي إخوتي ليعيثوا فسادا فيه. أختي الصغيرة لا تفهم، ولكن إخوتي ليسوا صغارا، فأعمارهم 13 و 17.
فهم يأكلون ويتركون البقايا وراءهم، ويرمون الأوساخ على الأرض، وملابسهم مرمية في كل مكان، وبما أننا لا نملك سررا لننام عليها، فنحن نفرش، وننام، ولا أحد منهم يرتب فراشه بعد الاستيقاظ، وأقوم أنا بترتيب الفرش وصفها فوق بعضها، ثم يأتون بعد ساعة، أو أقل ليأخذوا فرشهم ليناموا، وبما أن الفرش مصفوفة فوق بعضها، فكل واحد منهم يريد أن أضع بطانيته من الأعلى، ولا أستطيع وضع كل البطانيات فوق؛ حيث إن المكان صغير جدا؛ لهذا يأتي الواحد منهم، ويسحب بطانيته من المنتصف، أو الأسفل، فتقع جميع الفرش، وأضطر لترتيبها مرة أخرى، وعندما يستيقظون يتركون الفرش، فأذهب لأرتبها، وأضعها مع الفرش الباقية.
ويحضرون الطعام للصالة، ويتركونه، وأنا أحمله وراءهم، وهذا حالي طوال اليوم، وكل مرة تحدث مشكلة مع أخي الصغير بسبب هذا الموضوع، وتصل للشجار بالأيدي.
وبدلا من أن تقوم أمي بزجره عما يفعل، تكتفي بأن تقول له: أنت تفعل كذا وكذا، ويستمر بهذا الفعل، وهي لا تتحرك، وعندما أشتكي لها ما يفعلونه تقول لي: خلاص لا أريدك أن تساعديني، الله يغنيني عن هذه المساعدة. وأظهر أنا وكأني المخطئة.
أنا لست خادمة، وظيفتي التنظيف والترتيب، وهم وظيفتهم التخريب، فبينما إخوتي يضيعون الوقت في اللعب، أنا لا أستطيع فعل أي شيء.
فهل أنا ملزمة بالتنظيف وراء إخوتي؟
لم أعد أساعد أمي إلا في أشياء قليلة، وتحول منزلنا إلى زريبة، وساءت حالة أمي النفسية بسبب وضع المنزل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن طاعة الوالدين من أهم أمور الدين، ومن أعظم القربات، ولكنها طاعة ليست مطلقة، بل هي مقيدة بقيود معينة، ومن ذلك أن لا تكون في معصية الله، فقد ثبت في الصحيحين عن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

ومن هذه القيود أيضا أن تكون فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد، كما هو مبين في الفتوى: 76303.

وإن كان حل الواجبات المدرسية على الحال التي ذكرت من إعطاء أخيك الإجابة جاهزة، فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك الأمر مطلوب منه، يمكن مساعدته فيه، وليس القيام بالحل نيابة عنه، ففي ذلك نوع من الغش والخداع، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من غشنا فليس منا.

فالذي نوصيك به أن تناصحي أمك في هذا الأمر، وتبيني لها ما يتضمنه من محذور شرعي، إضافة إلى التربية الخاطئة لهذا الولد على العجز والكسل، وهما داءان خطيران قد يؤثران على مستقبله.

ولا شك في أن ما ذكرت عن أخويك من تصرفات فيها نوع من الفوضى والتخريب، فهذا أمر لا يقبل منهما، خاصة وأنهما في هذه السن، فأحدهما قد بلغ مبلغ الرجال، والآخر قد قارب ذلك، وعليهما المساعدة في ترتيب أمر البيت، لا أن يكونا سببا للخراب.

فينبغي بذل النصح لهما، وإنكار هذه التصرفات عليهما بأسلوب طيب، ولا ينبغي لأمك إقرارهما على هذه الحال التي تتضمن نوعا من التربية الخاطئة، بل عليها أن يكون لها دور في الرعاية، وحسن التوجيه، وإلا فربما تجني الثمار المرة لهذه التربية في المستقبل. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات