السؤال
أنا أعيش في بلجيكا، ولي صديقة بلجيكية، أسلمت منذ أشهر، وأقوم بمساعدتها في كل شيء يخص الإسلام، وأحاول تعليمها أي أمر يخص العبادات، والصلاة. وعندما لا أجد إجابة صحيحة أكيدة أقوم بالبحث لكي لا أرتكب أي ذنب.
صديقتي ظروفها تجبرها على الانتقال قريبا، والعيش مع أختها التي تقتني كلبا في منزلها، وطبعا ما زالت العائلة جميعها نصارى، صديقتي لا تعلم كيف لها أن تضمن طهارة المكان من الكلب، وما عليها فعله.
الكلب يتجول في كل مكان، ويستلقي في كل مكان، ولعابه في كل مكان، وهي لا تستطيع أن تطلب منهم إبعاد الكلب، أو تخصيص مكان خاص بها تماما، والانتباه للكلب.
هل صلاتها ستكون مقبولة في هذا الظرف؟ وما يجب عليه عمله؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الفقهاء مختلفون في لعاب الكلب، فمنهم من يرى طهارته، ومنهم من يرى نجاسته، وهذا هو المفتى به عندنا، والأول قول المالكية، وقد ذكرنا أقوالهم وأدلتها في الفتوى: 4993.
والذي يمكننا قوله لتلك الأخت المسلمة هو أن الأولى أن لا تسكن في بيت في كلب، فالملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، ولا صورة -كما صح بذلك الحديث- كما أنها ستبقى في شك من طهارتها، وصلاتها، وربما تدخلها الوسوسة جراء ذلك، فالأحوط لدينها والأبرأ لذمتها أن لا تسكن في بيت فيه كلب إن أمكن، وإن كان لا بد وسكنت فيه، وصلت في مكان لا تعلم هل هو طاهر، أو تنجس بلعاب الكلب؛ فالأصل طهارة المكان، ولا يحكم بتنجسه إلا بيقين للقاعدة المعروفة: "اليقين لا يزول بالشك"، وقد كان الصحابة يصلون في المسجد النبوي، وكانت الكلاب تدخله وتخرج إذ لم يكن في أول الأمر فيه أبواب مغلقة، ومع ذلك لم يكونوا يرشون شيئا.
ففي صحيح البخاري وسنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر قال: كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكنت فتى شابا عزبا، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك. اهـ
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال المنذري: المراد أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، ثم تقبل وتدبر في المسجد؛ إذ لم يكن عليه في ذلك الوقت غلق. اهــ مختصرا.
والشاهد منه أنهم كانوا يصلون بناء على الأصل من أن المكان طاهر.
والله أعلم.