السؤال
متى نقول دعوة ذي النون؟ هل قبل الدعاء مباشرة، أي: بعد الثناء على الله، ثم الصلاة على النبي، ثم دعوة ذي النون، ثم الدعاء؟
أم نقولها قبل الثناء على الله؟
متى نقول دعوة ذي النون؟ هل قبل الدعاء مباشرة، أي: بعد الثناء على الله، ثم الصلاة على النبي، ثم دعوة ذي النون، ثم الدعاء؟
أم نقولها قبل الثناء على الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس في ذلك توقيت، ويمكن افتتاح الدعاء بدعوة ذي النون، ثم يدعو المرء بما شاء، كما قال الأمير الصنعاني -رحمه الله تعالى- في التنوير شرح الجامع الصغير: فإن قيل: هذا ذكر لا دعاء! قلنا: هو ذكر يفتح به الدعاء، ثم يدعو بما شاء. انتهى.
ولو بدأ المرء بغيرها من ألفاظ الثناء والتمجيد، ثم ذكر الله، أو ذكر الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فالأمر في ذلك واسع.
ومعلوم أن الدعاء على قسمين. منه دعاء مسألة وطلب، ومنه دعاء عبادة، ليس فيه صريح طلب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: والمقصود هنا أن لفظ "الدعوة والدعاء" يتناول هذا وهذا؛ قال الله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}. وفي الحديث: {أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله} رواه ابن ماجه، وابن أبي الدنيا. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: {دعوة أخي ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربته. سماها "دعوة " لأنها تتضمن نوعي الدعاء. فقوله: لا إله إلا أنت. اعتراف بتوحيد الإلهية، وتوحيد الإلهية يتضمن أحد نوعي الدعاء، فإن الإله هو المستحق لأن يدعى دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وهو الله لا إله إلا هو. وقوله: {إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87]. اعتراف بالذنب، وهو يتضمن طلب المغفرة؛ فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب، وتارة يسأل بصيغة الخبر؛ إما بوصف حاله، وإما بوصف حال المسؤول، وإما بوصف الحالين. اهـ
وقال الشيخ أيضا: فصاحب الحوت ومن أشبهه، لماذا ناسب حالهم صيغة الوصف والخبر دون صيغة الطلب؟ فيقال: لأن المقام مقام اعتراف بأن ما أصابني من الشر كان بذنبي، فأصل الشر هو الذنب، والمقصود دفع الضر، والاستغفار جاء بالقصد الثاني، فلم يذكر صيغة طلب كشف الضر لاستشعاره أنه مسيء ظالم، وهو الذي أدخل الضر على نفسه، فناسب حاله أن يذكر ما يرفع سببه من الاعتراف بظلمه، ولم يذكر صيغة طلب المغفرة؛ لأنه مقصود للعبد المكروب بالقصد الثاني؛ بخلاف كشف الكرب فإنه مقصود له في حال وجوده بالقصد الأول، إذ النفس بطبعها تطلب ما هي محتاجة إليه من زوال الضرر الحاصل في الحال، قبل طلبها زوال ما تخاف وجوده من الضرر في المستقبل بالقصد الثاني، والمقصود الأول في هذا المقام هو المغفرة، وطلب كشف الضر، فهذا مقدم في قصده وإرادته، وأبلغ ما ينال به: رفع سببه، فجاء بما يحصل مقصوده. انتهى من مجموع الفتاوى.
وقال ابن القيم -رحمه الله في زاد المعاد: أما دعوة ذي النون؛ فإن فيها من كمال التوحيد، والتنزيه للرب -عز وجل-، واعتراف العبد بظلمه وذنبه، ما هو من أبلغ أدوية الكرب، والهم، والغم، وأبلغ الوسائل إلى الله -سبحانه وتعالى- في قضاء الحوائج. اهـ
والله أعلم.