السؤال
أنا شاب عمري 19عاما، أفكر في الزواج من أرملة لديها أيتام، فأنا أعلم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة"، فإذا قمت بتربية أولاد زوجتي، فهل أدخل في وصف هذا الحديث؟ وهل أمكث مع النبي صلى الله عليه وسلم دائما، أم زيارة ورؤية فقط؟ وهل بعملي هذا الفعل أكون مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى دائما؟ وهل الزواج من مطلقة لديها أطفال صغار، يدخل في الحديث؟ جزاكم الله خير الجزاء على نفع المسلمين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كفلت أيتام هذا المرأة -سواء تزوجتها أم لم تتزوجها-؛ دخلت في هذا الحديث، وغيره مما جاء في فضل كفالة الأيتام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: كافل اليتيم -له، أو لغيره- أنا وهو كهاتين في الجنة. وأشار بالسبابة والوسطى. رواه مسلم.
قال القرطبي في المفهم: معنى قوله: "له، أو لغيره" أي: سواء كان اليتيم قريبا للكافل، أو لم يكن، في حصول ذلك الجزاء الموعود على كفالته. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: أما قوله: "له، أو لغيره" فالذي له أن يكون قريبا له -كجده، وأمه، وجدته، وأخيه، وأخته، وعمه، وخاله، وعمته، وخالته، وغيرهم من أقاربه-، والذي لغيره أن يكون أجنبيا. اهـ.
وأما من طلقت أمه، وأبوه حي، فليس بيتيم؛ وبهذا يعرف جواب السؤال الرابع.
وأما السؤال الثاني والثالث، فالجواب عنهما يتبين من معنى إشارة النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعيه السبابة والوسطى، فليس معناها اتحاد المنزلة والدرجة، وإنما معناها قرب المنزلة والدرجة، فكافل اليتيم في الدرجة التي تلي درجة النبي صلى الله عليه وسلم ليس بينهما فاصل، ويكون المقصود: الاجتماع، والحضور، والمعية، دون اتحاد الدرجة، قال القرطبي في المفهم: معنى قوله: "أنا وهو في الجنة كهاتين" أي: هو معه في الجنة، وبحضرته، غير أن كل واحد منهما على درجته فيها؛ إذ لا يبلغ درجة الأنبياء غيرهم، ولا يبلغ درجة نبينا صلى الله عليه وسلم أحد من الأنبياء .. وإلى هذا المعنى الإشارة بقرانه بين إصبعيه السبابة والوسطى؛ فيفهم من الجمع بينهما: المعية، والحضور، ومن تفاوت ما بينهما: اختصاص كل واحد منهما بمنزلته ودرجته. وقد نص على هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: المرء مع من أحب، وله ما اكتسب. اهـ.
ويؤكد هذا حديث سهل بن سعد مرفوعا: وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا. رواه البخاري. قال الكرماني في الكواكب الدراري: أي: كنا مصاحبين مجتمعين. فإن قلت: درجات الأنبياء أعلى من درجات سائر الخلق، لا سيما درجة نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فإنها لا ينالها أحد.
قلت: الغرض منه المبالغة في رفعة درجته في الجنة. اهـ.
وقال ابن الملقن في التوضيح: يريد أن منزلته قريب من منزلته، ليس بينهما منزلة. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: فيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى، وهو نظير الحديث الآخر: "بعثت أنا والساعة كهاتين .." الحديث. وزعم بعضهم أنه -صلى الله عليه وسلم- لما قال ذلك استوت إصبعاه في تلك الساعة، ثم عادتا إلى حالهما الطبيعية الأصلية؛ تأكيدا لأمر كفالة اليتيم!
قلت: ومثل هذا لا يثبت بالاحتمال، ويكفي في إثبات قرب المنزلة من المنزلة أنه ليس بين الوسطى والسبابة إصبع أخرى ...
ويحتمل أن يكون المراد قرب المنزلة حالة دخول الجنة؛ لما أخرجه أبو يعلى من حديث أبي هريرة رفعه: أنا أول من يفتح باب الجنة، فإذا امرأة تبادرني، فأقول: من أنت؟ فتقول: أنا امرأة تأيمت على أيتام لي. ورواته لا بأس بهم. وقوله "تبادرني" أي: لتدخل معي، أو تدخل في أثري.
ويحتمل أن يكون المراد مجموع الأمرين: سرعة الدخول، وعلو المنزلة ... اهـ.
والله أعلم.