السؤال
في زمن الكورونا -وبتوفيق من الله، وحرص الوالد- قمنا بحفظ سورة البقرة وآل عمران.
وللحرص على عدم نسيانها نقوم كل يوم بعد صلاة المغرب جماعة بتكرار حزب، عدا يوم الخميس، فإننا نقرأ سورة الكهف بعد المغرب جماعة أيضا.
هل تعد هذه القراءة بدعة؟ علما أننا إذا لم نقرأ بعد المغرب سنضيع الحفظ، وأجر التكرار، وليس لدينا وقت آخر للمراجعة.
الله يجازيكم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في الاجتماع لتلاوة ما حفظتم من القرآن، أو تلاوة سورة الكهف، بل الاجتماع على ذلك من الأمور المستحبة؛ لما فيها من التعاون على البر والتقوى، ولما ورد من الترغيب فيها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم.
قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرح مسلم: ويلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة الاجتماع في مدرسة، ورباط، ونحوهما -إن شاء الله تعالى-، ويدل عليه الحديث الذي بعده، فإنه مطلق يتناول جميع المواضع، ويكون التقييد في الحديث الأول خرج على الغالب، لا سيما في ذلك الزمان، فلا يكون له مفهوم يعمل به. اهـ
ولكن عند القراءة ينبغي أن يقرأ أحدكم، والبقية يستمعون إليه، ثم يقرأ غيره إذا انتهى؛ لأن قراءة الجميع في آن واحد كرهها بعض أهل العلم، وبعضهم لا يرى فيها حرجا أيضا.
جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: .... كقراءة جماعة معا بصوت واحد، فتكره لمخالفة العمل،... ولعدم الإصغاء للقرآن المأمور به في قوله تعالى: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا. انتهى
وقال النووي في المجموع : لا كراهة في قراءة الجماعة مجتمعين، بل هي مستحبة، وكذا الإدارة وهي أن يقرأ بعضهم جزءا أو سورة مثلا، ويسكت بعضهم، ثم يقرأ الساكتون، ويسكت القارئون، وقد ذكرت دلائله في التبيان، وللقارئين مجتمعين آداب كثيرة منها ... أنهم مأمورون باجتناب الضحك، واللغط، والحديث في حال القراءة إلا كلاما يسيرا للضرورة، وباجتناب العبث باليد وغيرها، والنظر إلى ما يلهي، أو يبدد الذهن. اهـ. وراجع الفتوى: 27933.
وعلى كل، فالطريقة الأولى هي أن يقرأ أحدكم، ويستمع البقية حتى ينتهي؛ لما في ذلك من الخروج من الخلاف.
وتخصيص وقت للاجتماع للمدارسة والتلاوة لكونه هو الأنسب لكم؛ ليس من البدعة المذمومة؛ لأنه ليس عن اعتقاد فضيلة لذلك الوقت بذاته ونحو ذلك، مما لم يؤثر.
وعليه؛ فلا حرج عليكم في ذلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدكم حرصا على الخير، وأن يوفقكم لما يحب ويرضى.
والله أعلم.