السؤال
ذهبت لتشييع جنازة، وأنا في المقبرة، -وهم يتمون حفر القبر- تأخرت قليلا عن الجماعة، وهذا كي أترحم على قبر أبي الموجود في نفس المقبرة، وتفقدت قبر أبي، ثم عدت إلى الجنازة، واستمعت إلى ما قاله الإمام بعد دفن الشخص، وبعد رجوعنا إلى الحي، قال لي أخي: إن ما فعلته في المقبرة مكروه، وإنه ليس لي الأجر في تشييع هذه الجنازة. فهل هذا صحيح؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك يعني أنه ليس لك أجر بالكلية؛ فهذا القول غير صحيح، بل يرجى لك الأجر -إن شاء الله تعالى-، فالله تعالى أخبرنا في كتابه أنه لا يضيع عمل عباده، كما قال تعالى: أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى {آل عمران:195}.
قال ابن كثير في تفسيره: لا يضيع عمل عامل لديه، بل يوفي كل عامل بقسط عمله، من ذكر أو أنثى. اهــ
ومثله قول الله تعالى: ولن يتركم أعمالكم. {سورة محمد:35}. ومعنى لن يتركم أي: ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا.
وكذا قوله تعالى: وما تفعلوا من خير فلن تكفروه. {سورة آل عمران:115}، بالتاء في قراءة متواترة، والمعنى أي: لا يضيع عند الله، بل يجزيكم به أوفر الجزاء.
وإن كان يعني أنك لا تنال الأجر الكامل الوارد في التشييع، فقد ذكرنا في الفتوى: 281728. ما يقتضيه حصول ثواب تشييع الجنازة الكامل، وبينا فيها أن الأجر الكامل يختص بمن حضر من أول الأمر بالخروج مع الجنازة من بيتها، حتى تدفن. فانظر الفتوى المشار إليها.
والذي نرى أن ابتعادك قليلا عن الجماعة حتى يتموا حفر القبر لا يعتبر تخلفا عن شيء من التشييع، فتحصل على الأجر كاملا -إن شاء الله تعالى- مع أجر زيارة قبر والدك، والدعاء له.
والله أعلم.