السؤال
كنت أرسلت لكم سؤالاً في حكم تشييع المسلم لجنازة الكتابي فأفتيتم في الفتوى ذات الرقم 96486 بعدم جواز تشييع جنازته مع أن تشييع جنازتهم نقل عن كثير من التابعين وعلى رأسهم واعظ العراق الحسن البصري فهل هذه المسألة متفق عليها وما الجواب عن فعل ذلك من التابعين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحكم تشييع جنازة الكافر أمر مختلف فيه بين الفقهاء بين مبيح ومانع، فمنهم من منع من تشييع جنازة الكافر كما هو قول المالكية والحنابلة، ومنهم من أجاز تشييع جنازة الكافر القريب كما هو قول الشافعية، وقد ذكرنا شيئاً من ذلك في الفتوى رقم: 61380، والفتوى رقم: 10846.
وما أفتينا به من المنع هو القول الذي تبين لنا رجحانه، ولم نقف على ما ذكره السائل من أن الحسن البصري شيع جنازة كافر، وعلى فرض صحة ذلك فإن الحجة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفيما أجمعت عليه الأمة، ومن المعلوم أن تشييع جنازة الميت إكرام له، والكافر ليس أهلاً للإكرام، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: تشييع الجنازة من إكرام الميت، والكافر ليس أهلاً للإكرام، بل يهان، قال الله تبارك وتعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. فدل هذا على أن غيظ الكفار مراد لله -عز وجل- وقال تعالى: وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وتشييع الكافر إكرام له، وإكرام لذويه، ولهذا يحرم أن يتبع جنازته.. انتهى.
والله أعلم.