السؤال
كيف جمع العلماء بين حديث: "كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة"، وإرسال يونس -عليه السلام- إلى أهل نينوى الوثنيين؛ رغم أنه من بني إسرائيل؟
كيف جمع العلماء بين حديث: "كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة"، وإرسال يونس -عليه السلام- إلى أهل نينوى الوثنيين؛ رغم أنه من بني إسرائيل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالبحث عن الجمع بين الحديث المذكور، وبين كون يونس -عليه السلام- من بني إسرائيل؛ هذا يحتاج أولا إلى إثبات أن يونس -عليه السلام- من بني إسرائيل حقا، وليس من أهل نينوى، وهذا ما لم يثبت فيما نعلم.
وظاهر القرآن والسنة يدلان على أن يونس -عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى قومه، لا إلى قوم غرباء عنه، فالحديث المذكور في السؤال صريح في أن الأنبياء السابقين أرسلوا إلى أقوامهم، والقرآن أيضا دل على أن يونس أرسل إلى قومه، فقد وصفهم الله تعالى في القرآن بأنهم قومه، كما في قوله سبحانه تعالى: إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين {سورة يونس:98}.
فظاهر القرآن والسنة أنهم قومه، وأما ما ذكر من أنه من بني إسرائيل؛ فإن هذا ليس فيه شيء صريح صحيح، يعارض به ما دل عليه ظاهر القرآن والسنة، وحتى الآيات التي في سورة الأنعام وهي قوله تعالى: ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين* وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين. {الأنعام: 84 ــ86 } ليست صريحة في أن المذكورين من ذرية إبراهيم، بل ذهب ابن جرير وغيره إلى أن الضمير في قوله تعالى: ومن ذريته يعود إلى نوح -عليه السلام- لا على إبراهيم -عليه السلام؛ لأنه أقرب المذكورين، وبدلالة أن لوطا ويونس ليسا من ذريته.
قال القرطبي في تفسيره: (ومن ذريته) أي ذرية إبراهيم. وقيل: من ذرية نوح، قاله الفراء واختاره الطبري وغير واحد من المفسرين؛ كالقشيري وابن عطية وغيرهما. والأول قاله الزجاج، واعترض بأنه عد من هذه الذرية يونس ولوط، وما كانا من ذرية إبراهيم، وكان لوط ابن أخيه. اهــ.
وإننا نخشى عليك أخي السائل من الشبه والنظر فيما يبدو أنه متعارض من نصوص الكتاب والسنة، وليس هذا هو السؤال الأول لك في هذا النوع من الأسئلة.
والله أعلم.