أوجه القراءات المتواترة منزلة من عند الله تعالى

0 44

السؤال

اليوم كنت أقرأ القرآن، تحديدا سورة آل عمران: الآية 13، برواية ورش عن نافع. استوقفتني كلمة: ترونهم. لكن بعد ما سمعتها في اليوتيوب القراء يقولون: يرونهم. وقالوا إن الروايات تختلف في بعض كتب القرآن: يرونهم، والبعض الآخر: ترونهم.
هل هذا يعني أن القرآن قد حرف؟ هل مدت إليه يد الإنسان؟ ولماذا إذا يغيرون الحرف؟ وإذا كانت متواترة والرسول صلى الله عليه وسلم قرأها هكذا. لماذا غيرها؟ لماذا لم يقرأها مثل ما جاءت من عند الله -سبحانه وتعالى- وهل هو يغير في القرآن قليلا؟
آسفة على كثرة الأسئلة الله، حفظ القرآن. لكن ما تفسير هذا؟
أريد إجابة مقنعة؛ ليرتاح قلبي، أنا الحمد لله، مسلمة، أحب ديني وقرآني.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله -سبحانه- قد تكفل بحفظ القرآن العظيم، قال -عز وجل-: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون {الحجر:9}. 

والزعم بأن القرآن الكريم قد طاله التحريف -ولو في حرف واحد- كفر صريح.

قال ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل: القول بأن بين اللوحين تبديلا: كفر صريح، وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وتعدد قراءات القرآن الكريم ليست من التحريف أو الاضطراب في شيء، فكل أوجه القراءات المتواترة منزلة من عند الله تعالى. قد أنزل -سبحانه- بها جبريل، وأقرأها النبي صلى الله عليه وسلم -وليست هي باجتهاده ورأيه صلى الله عليه وسلم-، ونقلتها الأمة بالتواتر جيلا بعد جيلا، ولم يقع فيها خطأ أو تحريف -ولا  في حرف واحد- بفضل الله.

قال ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل: أما قولهم إننا مختلفون في قراءة كتابنا، فبعضنا يزيد حروفا وبعضنا يسقطها.

فليس هذا اختلافا، بل هو اتفاق منا صحيح؛ لأن تلك الحروف وتلك القراءات كلها مبلغ بنقل الكواف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها نزلت كلها عليه، فأي تلك القراءات قرأنا فهي صحيحة، وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة، لا زيادة فيها ولا نقص. اهـ. 

وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده؛ بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا ...

وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر؛ لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض ... وهذا كما في القراءات المشهورة (ربنا باعد) (وباعد) ، {إلا أن يخافا ألا يقيما} . و (إلا أن يخافا ألا يقيما) (وإن كان مكرهم لتزول) . (وليزول منه الجبال) و (بل عجبت) . (وبل عجبت) ونحو ذلك.

ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه، متباينا من وجه كقوله: (يخدعون ويخادعون (ويكذبون ويكذبون (ولمستم ولامستم) و (حتى يطهرن) (ويطهرن) ونحو ذلك.

فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى، ظنا أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.

وأما ما اتحد لفظه ومعناه، وإنما يتنوع صفة النطق به كالهمزات والمدات والإمالات، ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراءات، أو تغليظها ونحو ذلك مما يسمى القراءات الأصول. فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى؛ إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا. اهـ.

وراجعي مزيد بيان في الفتاوى: 6472 - 123333268579  - 128174- 335257.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة