السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أستيقظ لقيام الليل، لكن لا أستطيع أن أصلي، مخافة أن يراني أهلي. وكذا النوافل بالنهار، حيث أصليها بالمسجد دون البيت. إضافة إلى مشكلة نفسية مع الأصوات؛ مما يحزنني.
هل علي شيء؟ وما حل مشكلتي، فما عدت قادرا على إظهار غير الصلاة المفروضة، وأغضب حينما أعلم أن شخصا علم بعبادة لي؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحملنك الحرص على إخفاء الطاعة وخشية الرياء على تركها، فقد كان السلف الصالح يقومون الليل في بيوتهم وبحضرة أزواجهم وأولادهم. بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
وقد قال الفضيل بن عياض -رحمة الله تعالى عليه-: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وللمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتويين: 30366، 13746.
وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: مما يقع للإنسان أنه أراد فعل طاعة، يقوم عنده شيء يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء. والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك، وللإنسان أن يفعل ما أمره الله -عز وجل- به ورغبه فيه، ويستعين بالله -تعالى- ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي. انتهى.
وعليه؛ فإخفاؤك للعبادة مستحب، لكن ليس إلى درجة الغلو في ذلك، وغضبك من علم شخص بصلاتك أو صيامك، وتركك للصلاة خشية أن يطلع عليها غيرك ونحوه، هذا كله مما قد يدخل في الغلو المذموم.
فالشارع رغب في إخلاص العمل، وإخفاؤه معين على ذلك، لكن الشارع لم يمنع من إظهار العمل، بل قد يكون إظهاره أولى وأفضل أحيانا؛ كأن يكون المرء قدوة، فيظهر عمله ليقتدي به إخوانه وأصحابه وأهل بيته وغيرهم. وهكذا.
فادفع عن نفسك ما تجده من هم وحزن بسبب رؤية غيرك لقيامك لليل، أو صلاتك للنافلة في البيت، أو غير ذلك من عملك الصالح، فما استطعت إخفاءه دون تكلف فافعله، وإلا فلا تتكلف في الأمر ولا تترك العبادة خشية الرياء.
واعلم أن اطلاع الناس على عبادتك واستقامتك، سبب لشهادتهم لك بالخير والصلاح بعد موتك؛ ففي الصحيحين عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: وجبت، فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض.
والله أعلم.