السؤال
الله -سبحانه وتعالى- لا يخلف وعده بالخير، وفي الحديث القدسي: قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني؛ غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك، ولا أبالي. يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة.
سؤالي عن الجملة الأخيرة: هل هي عامة لكل مسلم أخلص التوحيد، وطهر قلبه من كل أنواع الشرك حتى الأصغر وهو الرياء، أم هي مقيدة بالمشيئة مثل ما في الآية: إن لله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
والأحاديث الأخرى الدالة على ذلك.
وهل تشمل الكبائر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوعد المسؤول عنه عام لكل موحد لله -تعالى- لا يشرك بالله شيئا، وهو في ذات الوقت مقيد بالمشيئة؛ فإن الله -تعالى- يغفر لمن يشاء، كما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة.
قال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين النووية: قوله: "يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" أي أتيتني بما يقارب مثل الأرض.
قوله: "ثم لقيتني" أي مت على الإيمان لا تشرك بي شيئا، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. وقد قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}. اهــ.
وقال المباركفوري في مرعاة المفاتيح، عند شرحه للحديث المذكور: فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض خطايا، لقيه الله بقرابها مغفرة. لكن هذا مع مشيئة الله -عز وجل- فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار، بل يخرج منها، ثم يدخل الجنة. اهــ.
وقد بينا في الفتوى: 372685 أن التوحيد الخالص يكفر الكبائر، فانظرها.
والله أعلم.