السؤال
قرأت عن الزنى وأشكاله، فقرأت أن من خان غازيا في أهله، ذهبت كل حسناته إلى ذلك الرجل، فهل المقصود بالخيانة الزنى الفعلي؟
فقد أصبح عندي وسواس أنني إذا لم أغض نظري عن امرأة في الشارع، فربما يكون زوجها من المجاهدين، فتذهب كل حسناتي له، فأريد توضيحا للحديث؛ حتى تذهب الوسوسة عني.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي تشير إليه هو حديث بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمة نساء المجاهدين على القاعدين، كحرمة أمهاتهم، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم، إلا وقف له يوم القيامة، فأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم؟. رواه مسلم.
وهذه الخيانة أعم من الزنى، بل هو وعيد لكل من خلف المجاهد والغازي في أهله بشر أيا كان، ومن زاد، فعقوبته أزيد؛ فإن الله حكم عدل، قال القرطبي في المفهم: وقوله: حرمة نساء المجاهدين، كحرمة أمهاتهم ـ يعني: أنه يجب على القاعدين من احترامهن، والكف عن أذاهن، والتعرض لهن ما يجب عليهم في أمهاتهم، وقوله: فما ظنكم ـ يعني: أن المخون في أهله إذا مكن من أخذ حسنات الخائن، لم يبق له منها شيئا، ويكون مصيره إلى النار، وقد اقتصر على مفعولي الظن، وظهر من هذا الحديث: أن خيانة الغازي في أهله أعظم من كل خيانة؛ لأن ما عداها لا يخير في أخذ كل الحسنات؛ وإنما يأخذ بكل خيانة قدرا معلوما من حسنات الخائن. انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم ـ هذا في شيئين:
أحدهما: تحريم التعرض لهن بريبة -من نظر محرم، وخلوة، وحديث محرم، وغير ذلك-.
والثاني: في برهن، والإحسان إليهن، وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة، ولا يتوصل بها إلى ريبة، ونحوها. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فتجنب المعاصي -صغيرها والكبير-، وتب مما تلم به منها؛ فإن الله تواب رحيم.
ودع عنك الوساوس؛ فإن الاسترسال معها يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.