السؤال
هل لي أن أصوم صيام النوافل، عن أبي المتوفى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما. والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة، في الصحيحين وغيرهما. وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف.
واختلف أهل العلم فيما سوى ذلك من الأعمال التطوعية كالصيام عنه، والجمهور على مشروعية ذلك، وجواز إهداء ثواب العمل الصالح لهم.
قال العيني في عمدة القاري: أجمع العلماء على أن الدعاء ينفعهم، ويصلهم ثوابه؛ لقوله تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان {الحشر: 10 }. وغير ذلك من الآيات. وبالأحاديث المشهورة. منها: قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد. ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لحينا وميتنا. وغير ذلك.
فإن قلت: هل يبلغ ثواب الصوم أو الصدقة أو العتق؟ قلت: روى أبو بكر النجار في كتاب (السنن) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، أفيجزئ عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أباك لو كان أقر بالتوحيد فصمت عنه، أو تصدقت عنه، أو أعتقت عنه، بلغه ذلك. وروى الدار قطني، قال رجل: يا رسول الله؛ كيف أبر أبوي بعد موتهما؟ فقال: إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم لهما مع صيامك، وأن تصدق عنهما مع صدقتك.
وفي كتاب القاضي الإمام أبي الحسين بن الفراء، عن أنس -رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إنا نتصدق عن موتانا، ونحج عنهم، وندعو لهم. فهل يصل ذلك إليهم؟ قال: نعم، ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه. انتهى بتصرف يسير.
وعلى هذا؛ فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- لو صمت نافلة، وأهديت الثواب لأبيك المتوفى، وأكثر من الدعاء له؛ ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله -عز وجل- ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
والله أعلم.