من باع لزوجته دارًا على أن تنفق عليه وعلى أولادها منه مدة حياته

0 23

السؤال

توفي أبي عن 88 سنة، وعنده 4 أبناء من زوجته الأولى، و4 بنات من أمي، فهل عليه إثم؛ لأنه كتب شقة الزوجية -وهي كل الذي كان يملكه- لأمي فقط، باسمها بيعا وشراء منذ 20 سنة؟ وذلك بسبب هذه الظروف:
منذ 44 سنة عمل في السعودية، وأنفق على البيت 11 سنة، وعندما رجع إلى مصر خدع في ماله الذي جمعه من شركات، إلا الشقة.
وكان سنه كبيرا -60 سنة-، فلم يجد عملا، وأمي أصغر منه ب 18 سنة، فعملت موظفة؛ لكي تنفق علينا؛ وكنا وقتها أطفالا.
وأبناؤه الآخرون تزوجوا، وبعد فترة سألوا شيخا -رحمه الله-: هل كان يجب عليها أن تعمل وتنفق؟ فأجابهم بأنه ينبغي على أبي أن يبيع الشقة التي يملكها، ويصرف منها؛ لأن الإنفاق واجب عليه، فخاف أبي أن تنتهي الفلوس، ونبقى بلا مأوى، فكان الاتفاق بين أمي وأبي أن يكتب لها الشقة بيعا وشراء -كأنها تأخذها منه بالقسط-، وقال لها: "عشت سنة، أو 10 سنين، تنفقين علي أنا والبنات مقابل الشقة"، وقد كان ذلك، وصرفت أمي 100 جرام ذهب، وزوجتنا؛ وجهزت 4 بنات ببركة ربنا، إلى أن توفي والدي وهي ترعاه ماديا من معاشها، ومعنويا.
سؤالي: هل أبي ظالم لأبنائه من زوجته الأولى الذين يدعون عليه؟ ويطالبوننا برفع الظلم عنه، وأن نوزع الشقة بقسمة الشرع؛ لأن أمي كان فرضا عليها أن تصرف عليه، وعلى أولادها، فهي معه على الحلو والمر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلم يكن واجبا على أمك أن تنفق على نفسها وزوجها وأولاده شيئا من مالها؛ ولكن كان واجبا على أبيك -رحمه الله- أن ينفق عليهم بالمعروف، وانظري الفتوى: 19453.

وإذا كانت أمك قد تبرعت بالإنفاق على زوجها وأولادها؛ فهذا إحسان تحمد عليه.

وإذا كان الوالد أراد مجازاتها على إحسانها؛ فهذا ليس من الظلم، بل هو من الإحسان المطلوب.

لكن ما قام به الوالد من بيع الشقة لها مقابل إنفاقها عليه مدة حياته؛ فهو بيع غير صحيح؛ لأن الثمن مجهول. والجمهور على أن هذا البيع باطل، لا يثبت به الملك؛ فترد الشقة إلى الورثة، وتستحق أمك من التركة قدر ما أنفقت على أبيك، جاء في المدونة: ولقد سئل مالك عن رجل باع دارا له على أن ينفق المشتري على البائع حياته. فكره مالك ذلك، وقال: إن وقع الشراء على هذا، فقبضها المشتري، فاستغلها سنين، كانت الغلة للمشتري؛ لأنه كان ضامنا لها، وترد الدار إلى صاحبها، ويغرم البائع للمشتري قيمة ما أنفق عليه المشتري، إن كان أنفق عليه شيئا. انتهى.

وإذا حصل تنازع بين الورثة؛ فالذي يفصل في النزاع هو القضاء الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة