السؤال
نحن عائلة مسلمة محافظة، تعيش في أوروبا، ولدينا ثلاثة أبناء، وابني البكر يبلغ من العمر عشرين سنة، وهو الآن يعمل، وتعرف إلى فتاة غير مسلمة، تكبره بست سنوات، وقررا العيش معا في شقة اكتراها.
حاولت أن أنهاه بشتى الطرق، واستعملت الترغيب والترهيب دون أي نتيجة، كما أنني عرضت عليه الزواج منها، فرفض؛ فهو ولد طباعه حادة، وكلامه قاس، ويرد علي دائما بغلظة، وألفاظ مستفزة إذا كلمته في الموضوع، كما أنه لا يكلم والده منذ أكثر من سنتين، فهل يجوز لي أن أقاطعه، وأمنعه من المجيء إلى البيت؟ لأني عندما أكلمه بشكل عادي، أو أستقبله في بيتي، كأني أشاركه، وأوافقه في فعلته الشنيعة.
أفيدوني -جزاكم الله خيرا-؛ فأنا أعيش في قلق، وحزن، وحيرة من أمري.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويهدي ولدك، ويتوب عليه.
واعلمي أنك مصيبة فيما ترغبين فيه من مقاطعة هذا الولد، ومنعه من دخول البيت؛ زجرا له عن هذه المنكرات الشنيعة التي يقع فيها، وقد نهيتيه عن المنكر، فلم ينته، ولم يقبل نصيحة؛ فالظاهر أن في هجره مصلحة؛ ولا يلحقك إثم هجر المسلم فوق ثلاث؛ ما دام الهجر للزجر والتأديب، قال الخطابي -رحمه الله- في معالم السنن: فأما هجران الوالد الولد، والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما، فلا يضيق أكثر من ثلاث، وقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا. انتهى.
ووصيتنا لكم أن تجتهدوا في استصلاح هذا الولد، ولا تيأسوا، والتمسوا تدخل بعض الصالحين -من الأقارب أو غيرهم ممن تظنون أنه يقبل منهم النصيحة-، لعل الله يجعلهم سببا لهدايته، واستعينوا بالله تعالى، وافزعوا إليه، وتضرعوا له، وألحوا في الدعاء له بالهداية؛ فدعوة الوالد لولده مستجابة.
وننبه إلى أن الإقامة في بلاد الكفار تنطوي على كثير من المخاطر على الدين، والأخلاق، فينبغي على المسلم أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين، ما وجد إلى ذلك سبيلا، وسلامة الدين مقدمة على سلامة الدنيا، وراجعي الفتوى: 311917.
والله أعلم.