السؤال
على القول بوجوب صلاة "سنة الفجر"، فهل يجوز تأخيرها حتى أصلي صلاة الفجر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن سنة الفجر سنة في قول أكثر العلماء، وقيل بوجوبها، قال النووي في المجموع: وأما قول المصنف: وسنة الفجر مجمع على كونها سنة. فكذا يقوله أصحابنا. وقد نقل القاضي عياض عن الحسن البصري أنه أوجبها؛ للأحاديث. وحكاه بعض أصحابنا عن بعض الحنفية. والله أعلم. اهـ.
وقال العيني -الحنفي- في البناية شرح الهداية: ثم بدأ بسنة الفجر؛ لكونها أقوى من غيرها؛ لما روي عن عائشة في الصحيح، قالت: لم يكن النبي عليه السلام على شيء من النوافل أشد تعهدا منه على ركعتي الفجر. وفي "سنن أبي داود": لا تدعوهما، ولو طردتكم الخيل.
فإن قلت: هذا يدل على وجوبها؛ لأجل مواظبته -عليه السلام- عليها؛ ولهذا ذكر المرغيناني عن أبي حنيفة أنها واجبة. وفي "جوامع المحبوبي" روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: لو صلى سنة الفجر قاعدا بلا عذر، لا يجوز. اهـ.
والذي يظهر من كلام بعض فقهاء الحنفية أن سنة الفجر لا يمكن تأخيرها عن الفريضة، وأنها إذا فاتت لا تقضى وحدها، وإنما تقضى تبعا لفريضة الفجر، قال العيني -الحنفي- في كتابه: البناية شرح الهداية: يعني ليس سنة الفجر مثل سنة الظهر؛ لأن سنة الفجر لا يمكن أداؤها بعد الفرض، فحصل الفرق بين السنتين. اهـ.
قال ابن عابدين -الحنفي- في رد المحتار: (قوله: وتقضى) أي: إلى قبيل الزوال، فلا تقضى إلا معه (الفرض) حيث فات وقتها؛ أما إذا فاتت وحدها، فلا تقضى، ولا تقضى قبل الطلوع، ولا بعد الزوال، ولو تبعا على الصحيح. اهـ.
وفي تبيين الحقائق، شرح كنز الدقائق للزيلعي الحنفي: لم تقض سنة الفجر إلا تبعا للفرض، إذا فاتت مع الفرض، وقضاها مع الجماعة أو وحده؛ لأن القياس في السنة أن لا تقضى؛ لاختصاص القضاء بالواجب. لكن ورد الخبر بقضائها قبل الزوال تبعا للفرض. وهو ما روي أنه -عليه الصلاة والسلام- قضاها مع الفرض غداة ليلة التعريس بعد ارتفاع الشمس، فيبقى ما رواه على الأصل. اهـ.
والله أعلم.