استمرار المرأة في الدراسة في جامعة تمنع الحجاب

0 20

السؤال

أنا طالبة عمري 18، باردة تجاه ما يجذب الناس من رغد العيش -من مال، وجاه-، ومشكلتي بدأت عندما أراد والداي إدخالي مدرسة ثانوية عسكرية قبل سنين، تتميز أنها تضمن لطلبتها كل شيء -من معدات دراسية، ووسائل متقدمة، وإقامة خاصة، وحماية، وأمان لكل طالب-، وفيها مدرستان؛ واحدة للذكور، وأخرى للإناث، لكنها تمنع الحجاب، وطرقها يحدث فيها تقاطع، وفي محاضراتها الإلزامية، والمدرسية، رغم أني لم أكن محجبة قبل بلوغي للثانوية، فقد كنت أفكر أن أتحجب بمجرد دخولي للثانوية العامة.
وقد أرغمني والداي على دخول الثانوية العسكرية، وعندما ناقشتهما في موضوع الحجاب غضب أبي، وبكت أمي، فأبي لم يكن يريدني أن ألبس الحجاب؛ لأنه -كما يقول-: يجب على البنت أن تكون ناضجة تماما حتى تلبسه، وعندما أخبرته أن الحجاب واجب، وأن الإفتاء ليس لكل من هب ودب، هددني وخيرني بين دخولها وطردي، ولأنه يفهم أنني سأبيت عند جدتي لو طردني، هددني بأن يمنع عني ما أحب (الدراسة)، ويفرض علي أن أكون خادمة في البيت، وأرتدي الحجاب الذي أردته، ولا أخرج إلا إلى السوق، ولا أتكلم مع أحد؛ حتى أموت، وأنا أنهار عند الضغط، وأكتم دوما.
وعندما لم أعرف ما أفعله، انهرت؛ لأني أعرف أن أبي جشع، ويحب الجاه، لكني لم أكن أظن أنه سيهددني هكذا، ويتكلم هكذا عن الحجاب، ولم أكن قريبة من الله كثيرا بالطاعات، ولكني كنت أكلمه؛ لأنه وحده من كان ينقذني، فقبلت أن أدخل تلك الثانوية، وكنت أبكي كثيرا، وبدأت بالتقرب إلى الله.
وتخصصت طبيبة؛ لأنها الفرع الوحيد الذي يسمح فيه بالحجاب، وكافحت لأجلها بهدف الحجاب فقط، وقد لبست الحجاب، ووجدت أن أول عام سندرسه دون حجاب، وأتاني أنه اختبار من الله -والله أعلم-، فهل أخرج من التخصص إلى المدني؟ رغم أن تكاليف الخروج باهظة جدا -مقدار سيارة، ربما تدفع على أقساط، وأخاف أن أموت وتبقى علي دينا، ويحاسبني الله عليه، إضافة أنه سيتوجب علي إعادة دراسة عام الثانوية؛ حتى أحصل على شهادة أخرى؛ لأنهم يحجزون شهاداتنا، أم أكمل هذا العام-؟ وهل ربي غاضب مني؛ لأني قبلت أن أدخل الثانوية، وربما كان رفضي لدخولها نجاحا في امتحانه؟ وقد كنت أحاول الاختفاء قدر المستطاع، وعدم ملاقاة أي ذكر، وأخاف أن يعذبني الله يوم القيامة.
وكل يوم أبكي لذلك، وأدعوه، فأنا بالفعل وحدي، ولا أعرف الحل، وكنت أريد الخروج في كل لحظة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله أن يفرج همك، ويغفر ذنبك، ويلهمك رشدك، ويثبتك على طاعته، ويجنبك ما يسخطه، وأن يهدي والديك، ويردهما إلى الحق.

وإذا كنت تقصدين بالحجاب تغطية الوجه؛ فالأمر فيه سعة؛ لاختلاف أهل العلم في حكمه، والجمهور على عدم وجوب تغطيته؛ فيسعك الأخذ بقولهم، ولا يلزمك ترك الدراسة بسبب المنع من تغطية الوجه، وراجعي الفتوى: 50794.

وأما إن كان المقصود بمنع الحجاب؛ منع تغطية الرأس، والصدر، ونحو ذلك؛ فهذا منكر بلا ريب، ولا يجوز لك التهاون في حجابك، ولا طاعة لمخلوق في تركه.

لكن إذا كنت تقدرين على إتمام هذا العام الدراسي من غير أن تظهري أمام الرجال الأجانب متبرجة؛ فالذي نوصيك به أن تكملي الدراسة.

أما إذا لم يكن بإمكانك إتمام هذه الدراسة إلا بالظهور متبرجة أمام الرجال الأجانب؛ فعليك تركها، والبحث عن غيرها، بحيث تحافظين على الستر الواجب عليك.

ولا ريب في كون سلامة الدين مقدمة على سلامة الدنيا، ومن اتقى الله، وصبر على طاعته، وتوكل عليه؛ فلن يضيعه الله، قال تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين [يوسف:90]، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي: يتق الله، ويصبر على المصائب، وعن المعاصي (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي: الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته. انتهى.

وقال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق:2ـ3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة