السؤال
دار حوار بيني وبين أختي، كنت أقول فيه: (نفسي في ...)، وأحلم معها، ومنعتني أن أكمل الكلام، وقالت لي: كفي عن أحلامك المستفزة هذه؛ هل لأن مستواك أحسن من مستوانا ستفزيننا بكلامك؟ فرددت عليها: هل سمعت ماذا كنت سأقول؟ إذن في نفسك شيء ما من ناحيتي.
ووالداي يريدان إجباري على الاعتذار لها، وعندما رفضت، قالت لي أمي: إنها ستشكوك إلى ربنا.
أنا خائفة من أن يكون في الأمر حرمة، إذا كانت ستشكوني إلى ربنا، لكن الذي شعرت به أنها غير صافية من ناحيتي، وأن بداخلها شيئا ما تخفيه عني.
كنت أتمنى أن أكون طيبة، وأسامح بسهولة، لكني غير قادرة، وأشعر أنه صعب علي جدا جدا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان عليك أن تحسني الظن بأختك، وتحملي كلامها على محمل حسن، ولم يكن لك أن تتهميها بأن في نفسها شيئا تجاهك.
وعليك أن تجتنبي مثل هذه الكلمات التي توغر الصدر، وتفتح الباب للشيطان للإفساد، قال تعالى: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا {الإسراء:53}، قال ابن كثير -رحمه الله-: يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن، والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم. انتهى.
فأطيعي والديك، واعتذري لأختك، واقطعي الطريق على الشيطان الذي يفرح بإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وجاهدي نفسك، ولا تستسلمي لنزغات الشيطان؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التدابر، والتباغض، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
فإذا كان ذلك بين عموم المسلمين، فأحرى أن يكون بين الأرحام الواجب صلتهم، كالأخوات.
وعلى فرض أن أختك أساءت إليك، أو كانت تحمل في نفسها شيئا تجاهك؛ فعلاج ذلك يكون بالإحسان، والكلام الطيب، قال تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت:34}.
وقال الغزالي -رحمه الله- في الإحياء: بل المجاملة -تكلفا كانت، أو طبعا- تكسر سورة العداوة من الجانبين، وتقلل مرغوبها، وتعود القلوب التآلف، والتحاب، وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد، وغم التباغض. انتهى.
كما أن العفو عن المسيء خلق كريم، يحبه الله، وهو سبيل لنيل عفو الله، ومغفرته، قال تعالى: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم {النور:22}.
كما أن العفو يزيد صاحبه عزا، وكرامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.
والله أعلم.