السؤال
أرجو أن تنظروا إلى مسألتي بعين العطف والرحمة.
عمري 35 سنة، ابتليت بعشق فتاة عمرها 29 سنة، كنت على علاقة معها ثلاث سنين، وتبت من ذلك، وندمت، ومرضت بها، وأحببتها حبا لم أحبه أحدا، ولم أذل نفسي لأحد إلا لها.
تقدمت لها، ولكنها قالت: إنها صلت الاستخارة، ولم تشعر بالراحة، فرفضت، فقلت لأخيها: هل أكلم أختي وعائلتي لكي يطمئنوها؟ فلم يرد على مكالماتي، فمرضت، وبكيت، وصارت في أشياء يعلم الله بها، ومن ثم رد، وقال: ما في نصيب.
أعلم أن النصيب على الله، لكني أعلم أن الدعاء يغير القدر، وصليت قيام الليل، وأبكي على سجادة الصلاة، وأدعو في أوقات الإجابة، ولا أستطيع ترك الأمر؛ لأنه يضيق صدري، وتسود الدنيا أمامي، وأحس أني خسرت كل شيء.
والله الذي لا إله إلا هو أني لم أعد أرتاح في نومي، ولا حياتي، فماذا أفعل؟ وهل أستمر في صلاة قيام الليل عسى الله أن يغير الأمر، أم ماذا أفعل؟ لا أريد غيرها، بل لا أطيق غيرها، ولا يحتمل قلبي مكانا لغيرها، مع العلم أني محافظ على الصلوات في المسجد، وأقرأ وردي اليومي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بتوبتك من هذه العلاقة الآثمة، فجزاك الله خيرا، ونسأله تعالى أن يتقبل توبتك، ويوفقك للزواج من امرأة صالحة تقر بها عينك.
ولا شك في أن الدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم ما يبتغي، والرب الرحيم قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
وما عليك إلا أن تدعو، ودع أمر الإجابة إليه سبحانه، واجتهد في تحقيق أسباب إجابة الدعاء، واجتنب ما يمنع من الإجابة، وسبق بيان بعض شروط إجابة الدعاء، وأسباب إجابته في الفتوى: 106353.
والزواج من الرزق المكتوب، فإذا كتب الله لك في اللوح المحفوظ أنك ستتزوج هذه الفتاة، أو أنك لن تتزوجها؛ فسيتحقق هذا المكتوب، والدعاء لا يغير ما كتب في اللوح المحفوظ؛ فهذا هو القضاء المبرم، ولكن يمكن أن يتغير به ما هو في الكتاب الذي بيد الملك، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 95774.
وإن لم يتيسر لك الزواج منها؛ فلا يعني ذلك أن دعاءك لم يقبل، ولكن قد يدخر الله لك به ما هو خير لك مما سألت، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد. فلله الأمر من قبل ومن بعد.
فإن تأبت هذه الفتاة، فلا تأسف عليها؛ إذ ما يدريك أن يكون في زواجك منها خير، قال تعالى: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون {البقرة:216}، ففوض أمرك إلى الله، وسله -على وجه العموم- الزواج من امرأة صالحة.
والعشق علاجه ميسور، وسبق بيانه في الفتوى: 9360.
وإن رأيت أنك في حاجة للمزيد من التوجيه، فراسل قسم الاستشارات في موقعنا.
والله أعلم.