السؤال
السلام عليكم
أنا أعمل في إحدى الدول العربية، وهناك من الهنود (السيخ وغيره) ممن هم لا يؤمنون بالله (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وعددهم يفوق التصور وللأسف الشديد الذي ساعد على إحضارهم هو مسلم وحاج وقد نصحته أنا وبعض المحيطين بأن يختار العمالة المسلمة أو العربية فهي أفضل له ولصالح العمل ولكنه يصر على العمالة الهندية وبالأخص الكافرة، وهو يسمع لهم كثيرا (علما بأن خبرتهم في مجال العمل دون المستوى المطلوب وأقول هذا بصدق وأمانة)، حاولت مرات عديدة أن أحدثهم عن الإسلام ولكن ولأول مرة أرى النفاق في الدين، فهم يعرفون الإسلام ويعلمون أن الله هو الذي خلقهم وهو الذي يرزقهم ولكن لا يؤمنون بما أنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام) وبدأت أشغل بعض سور القرآن في أوقات العمل الهادئة لعل واحدا منهم يهديه الله، سؤالي هو: ما الحكم على هذا الرجل المسلم الذي أتى بهم في حين أنه كان أمامه العديد من الفرص لتشغيل مسلمين في هذه الأماكن الشاغرة (علما بأن سياسة الدولة قد اتجهت إلى وقف العمالة الهندية واستبدالها بالعمالة الوطنية والعربية)، فهل ما فعله من الإسلام، هل الأكل مع هؤلاء الكفرة عليه حكم أو شروط (فأنا لا أحبذ الأكل معهم حيث إن بعضهم قد احتسب وقتا إضافي لمجرد أن يحصل على زيادة في معاشه، هل عندما أرى شيئا خطأ من أحد منهم يجب أن أعلمه الصواب الذي ينفع العمل أم أكثر من ذلك، هل أبلغ رئيسي في العمل (المسلم) إذا رأيت شيئا ما وفيه خطورة ناتجا من خطأ أحد منهم أم لا (علما بأنه يسمع لهم ويصدقهم ويتلمس لهم الأعذار لأنهم يحضرون معهم أصناف الأكل الذي تشتهيه نفسه وفي النهاية أكون أنا المخطئ وهذا حدث كثيرا)، إني فكرت كثيرا أن أترك هذا المكان وهذا ما يتمناه هذا المسلم وطبعا الهنود، ولكني أخذت الموضوع بتحد بأن أعلي كلمة لا إله إلا الله في هذا المكان وأن أحضر وأدرب العمالة الوطنية وبكل ما أتاني الله من قوة؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق بيان حكم الاستعانة بالعمالة الأجنبية وحكم العمل في شركة أكثر موظفيها من الهندوس في الفتوى رقم: 39458، والفتوى رقم: 9896 فراجعهما ففيهما غنية عن التكرار، كما سبق بيان حكم الأكل من طعامهم في الفتوى رقم: 20590.
أما بخصوص هذا الرجل الذي عمل على إحضار العمال الهنود الكفار وقدمهم وقربهم رغم أن خبرتهم في مجال العمل دون المستوى المطلوب على حد قولك، فلا شك أنه مخطئ في صنيعه هذا، خاصة أنك ذكرت أن الدولة ترغب في العمالة العربية والوطنية ما دامت مكافئة للعمالة الوافدة أو أحسن منها، لكن صنيعه هذا لا ينبغي أن يثنيك عن القيام بواجبك من الإخلاص في العمل وبذل النصح ومحاولة الإصلاح ما أمكن بالحكمة والوسائل المتاحة، والواجب عليك تغيير المنكر أو تقليله قدر الاستطاعة انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
واحذر من عدم مراعاة الضوابط المطلوبة في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وابتعد عن التشهير وجلب الخصومات والزم الرفق واللين في منهجك ومحاولة الإقناع، وتعاون مع الغيورين أمثالك لإصلاح الأمور، وسيجعل الله لك فرجا قريبا وعونا ونصيرا، كما وعد سبحانه بقوله: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:2-3]، وقوله تعالى: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا [الطلاق:4].
وإذا أمكن تدريب العمالة المسلمة فلا تتوان في هذا، ولا يفوتنا أن نبين هنا أنه لا يجوز للرجل المذكور قبول هدايا هؤلاء الموظفين من الأطعمة أو غيرها، والتي يحابيهم من أجلها -على حد قولك- لأنها رشوة محرمة، بدليل حديث البخاري ومسلم عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله في رقبته... الحديث
قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام. انتهى.
وأخيرا: نوصيك بالصبر والتحمل في سبيل الحق جعلك الله قدوة حسنة لغيرك ونفع بك.
والله أعلم.