الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية: نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه، وأن يوفقك لكل خير.
وسيكون الجواب في النقاط التالية:
1ـ إذا كان نزول المذي غير منتظم، فتارة ينقطع، وتارة لا، وتارة يطول وقت انقطاعه، وتارة يقصر، وتارة يتقدم، وتارة يتأخر؛ ففي هذه الأحوال حكمك حكم صاحب السلس: تتوضأ بعد دخول الوقت، وتصلي بوضوئك ما شئت من الفروض والنوافل؛ حتى يخرج ذلك الوقت. وراجع الفتوى: 136434.
2ـ من الواجب على صاحب السلس أن يتحرز من النجاسة بخرقة أو نحوهما؛ منعا لوصول النجاسة للثياب أو البدن -كما هو مذهب كثير من أهل العلم-، وانظر التفصيل في: 164697.
3ـ إذا كان حشو محل النجاسة أو تعصيبه، يترتب عليه أذى يشق تحمله؛ سقط وجوبه، جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي أثناء الحديث عن المستحاضة: (فإن احتاجت) في دفع الدم، أو تقليله (حشوه بقطن) أو نحوه (وهي مفطرة، ولم تتأذ به وجب) عليها الحشو قبل الشد، والتلجم، وتكتفي به، إن لم تحتج إليهما (وذو السلس يحتاط مثلها) أي: مثل المستحاضة: بأن يدخل قطنة في إحليله؛ فإن انقطع، وإلا عصب مع ذلك رأس الذكر. اهـ.
وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: نعم، إن تأذت بالحشو، أو العصب، وآلمها اجتماع الدم؛ لم يلزمها. اهـ.
قال الشرواني في حاشيته على تحفة المحتاج: (قوله: نعم، إن تأذت) أي: تأذيا لا يحتمل عادة، وإن لم يبح التيمم، ويتجه أن يكتفي في التأذي بالحرقان، وإن لم يحصل مبيح تيمم. اهـ.
أما المالكية، فلا يجب عندهم التعصيب، بل يستحب فقط، ويجوز لك تقليد هذا القول، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل أثناء الحديث عن صاحب السلس: واستحب في المدونة أن يدرأ ذلك بخرقة (يتحفظ بخرقة) قال سند: ولا يجب؛ لأنه يصلي بالخرقة وفيها النجاسة، كما يصلي بثوبه. اهـ.
كما يعفى عند المالكية عن نجاسة المذي المذكور؛ فلا يلزمك غسله، إذا كان ينزل كل يوم ـ بغير اختيارك ـ مرة، أو أكثر، جاء في منح الجليل لمحمد عليش المالكي: (وعفي) بضم فكسر، أي: سومح (عما) أي: كل نجاسة (يعسر) أي: يصعب، ويشق الاحتراز عنه، وهذه قاعدة كلية، ومثل لها للإيضاح، فقال (كحدث) أي: خارج معتاد، من مخرج معتاد -كبول، ومذي، وودي، ومني، وغائط رقيق- ونعت حدث بـ (مستنكح) بكسر الكاف، أي: خارج بغير اختيار الشخص، ملازم له كل يوم مرة فأكثر، أصاب البدن، أو الثوب. اهـ.
4ـ ما كنت تقوم به من غسل الذكر، والأنثيين لأجل خروج المذي؛ يكفيك. وراجع المزيد في الفتوى: 49490.
أما نضح الملابس الداخلية بسبب الشك في نجاستها؛ فهو مطلوب عند بعض أهل العلم، كما تقدم في الفتوى: 47661.
أما إذا تحققت من إصابة النجاسة لموضع معين من ثيابك؛ فيجب غسلها، ولا يكفي النضح.
وإن التبست النجاسة بحيث لم يعرف موضعها؛ وجب غسل الثوب كله، وانظر الفتوى: 189167.
5ـ بخصوص قولك: "وأنا كذلك أمسك القرآن، فهل هذا يجوز؟"، إذا كنت تسأل عن مس المصحف بعد الاستنجاء، والوضوء لكل صلاة؛ فإنه يجوز لك مسه، وانظر التفصيل في الفتوى: 139317.
والله أعلم.