السؤال
أعرف شخصا يعمل، وعليه ديون شهرية (شيكات)، ويذهب كامل راتبه لهذه الديون (الشيكات)، ويستدين لمأكله وحاجات بيته وأهله بدين جديد مؤجل أيضا (شيكات)، فهل يجوز أن أعطيه زكاة مالي؟ وهل الشيكات الشهرية تعد دينا مؤجلا؟
أعرف شخصا يعمل، وعليه ديون شهرية (شيكات)، ويذهب كامل راتبه لهذه الديون (الشيكات)، ويستدين لمأكله وحاجات بيته وأهله بدين جديد مؤجل أيضا (شيكات)، فهل يجوز أن أعطيه زكاة مالي؟ وهل الشيكات الشهرية تعد دينا مؤجلا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن للزكاة مصارف محددة، ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، قال تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم {التوبة:60}، فذكر منها مصرف الغارمين.
وليس كل من استدان، جاز صرف الزكاة له، ذكر الطبري في تفسيره عن مجاهد في وصف الغارمين: هم قوم ركبتهم الديون في غير فساد، ولا تبذير؛ فجعل الله لهم في هذه الآية سهما.
وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يسأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمرا، فليستقل، أو ليستكثر. رواه مسلم.
فإن كان الغارم تحمل هذا الدين لصالح غيره -كالإصلاح بين الناس في الديات، وغيرها-؛ فيعطى من الزكاة، ولو كان غنيا، أو كان تحمله لصالح نفسه من دون إفساد، أو تبذير، أو تحايل على مال الزكاة والتكثر به، وهو عاجز عن السداد حقيقة، ولا يملك من الممتلكات أو المكاسب ما يمكنه من سداد ديونه؛ فإنه يعطى من الزكاة، قال ابن قدامة في المغني: والغارمين ـ وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة، ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم ... انتهى.
وعلى هذا؛ فإن كان الشخص الذي تسأل عن صرف الزكاة له، ليس من المبذرين، وما يستدينه إنما يسد به حاجاته المعتبرة، وقد دفع الشيكات ضمانا لذلك الدين، ولا يستطيع سداده، على نحو ما وصفت؛ فلا حرج في أن تدفع له زكاة مالك.
ويكفي الظن أنه من مستحقيها لجواز دفعها إليه؛ لأن الظن في ذلك يقوم مقام العلم، قال البهوتي -رحمه الله-: (ولا يجوز دفع الزكاة إلا لمن يعلم) أنه من أهلها (أو يظنه من أهلها؛) لأنه لا يبرأ بالدفع إلى من ليس من أهلها، فاحتاج إلى العلم به لتحصل البراءة، والظن يقوم مقام العلم؛ لتعذر أو عسر الوصول إليه. انتهى.
والله أعلم.